عن الشعر وقضاياه .. بقلم: محمد خالد الخضر

عن الشعر وقضاياه .. بقلم: محمد خالد الخضر

شاعرات وشعراء

الثلاثاء، ٨ أبريل ٢٠١٤

بعد أن انحسرت قراءة الشعر وتراجعت كثيراً إلى درجة قصوى بدأت الساحة الأدبية والمنظومة الشعرية بحمل آخر وإنجاب غريب.. وهذا الإنجاب بُنيت مرتكزاته على فراغ غريب؛ فكيف بكاتب أو شاعر يقتنع أن كل ما يكتب بشكل ما يمكن أن نطلق عليه تسمية شعر وكيف يمكن أن نسمي كل ما تقيد بروي أو قافية دون أن يلتزم بوزن ونغم وصورة شعراً وهذا ما أصبح موفوراً.
لا يمكن أن أنسى ما ألقاه شخص قُدِم على أنه شاعر في صالة ثقافية تتبع لجهة مرموقة بالتعاون مع جهة أخرى.. وانهال التصفيق على الرجل من كل صوب.. حينها قلت لصديقي الشاعر خالد أبو خالد:
كيف يمكن لنا أن نغطي مثل هذا الكلام الذي لا يميزه إلا وجود الروي..؟
فقال الشاعر الدكتور نزار بني المرجة:
/أنا برأيي أتركه مكشوفاً دون غطاء/
ومن في نهاية المطاف وبعد تكرار مثل هذا التصفيق يمكن أن يرد هذا عن طلبه، أو مطالبته بحقوق وواجبات ومكتسبات بعد أن وجد نفسه أميراً أمام حشود كان من المفترض أن تفسر له معنى كلمة /كلا/ الرادعة والزاجرة والتي يمكن أن تعيد الإنسان في معظم الأحيان إلى صوابه.
يندرج تحت هذا الإطار ما غنّاه فنان يعتبر في الساحة الغنائية من الفنانين المُجيدين لشاعر يعتبر أن الغناء أفضله باللغة الفصحى وفي حال غنّى له فنان معروف فلابد من اعتراف القاعدة الشعبية بمكانته الشعرية فيبدأ أغنيته بما يلي:
(أنا حلمي السير مع الجند .. حتى أحمل عز الجندي)
وهذا ما قلبه الملحن عن بيته الذي يقول:
(أنا حلمي السير مع الجندي.. هو عز لي لقب الجندي/ ناداني الواجب ذاك دمي.. أهدي حمرته للورد).. ويقول: (يا وطني أقبلني في الجند.. ليشرفني لقب الجند).
وهذا البيت أيضاً قلبه الملحن عن بيته الذي يقول:
(أمي افتخري من صدق فتى .. ما أخلف يوماً بالوعد)
ونسي صاحب الأبيات الذي يتمسك بالوزن أن القافية للمعنى الواحد لا يجوز أن تتكرر وتتشابه في نهاية الصدر وفي نهاية العجز وإن تشابهت يجب أن تختلف بالمعنى وليس ضرورياً أن تتشابه دائماً كما ورد في بيت غنّته أم كلثوم:
(يا حبيباً زرت يوما أيكه .. طائر الشوق يغني ألمي)
ثم يقول مؤلف الأبيات: (ناداني الواجب ذاك دمي..)، فلم يدرك أن ذاك تستخدم للبعيد وهذا للقريب وقوله أيضاً: (أمي افتخري من صدق فتى)، والصح أن يقول بصدق فتى، وقوله:
(ويصون العفة في مهدي..)؛ فكيف يمكن أن نجد معنى يربط بين الذهاب إلى الجندية وصون العفة في المهد، والمتكلم ذاته يريد الذهاب إلى الجندية ويقول:
(العفة في مهدي والياء تخصه هو..)،
وأقول له //هل هكذا تورد الإبل أيها الشاعر//..
أما من جهة الشعر الحر كما يسمونه بات يغزو الساحة بشكل لا إرادي فكلما وضعت كلمة /لايك/ لشاب أو فتاة على صفحة الفيسبوك فلابد من أن ينجز كتاباً ويسميه شعراً ولابد من أن يكتب عن هذا الكتاب وأن يكون له حفل توقيع وقد يجتمع هذا وذاك وآخرون على شكل منتديات فيطربون لبعضهم بعضاً ويسخرون من الماضي ومن أدبه وشعره.
وإنني إذ أقدر كل الناس وكل محاولاتهم يخطر ببالي سؤال لفدوى كيلاني صاحبة مجموعة "ظل لا يتبع صاحبه" : ماذا تعني بقولها:
(ليس عندك غير صحن من الإشارات .. قل ما تريده هنا)..
واسأل وداد سلوم صاحبة عنوان "ضفاف تخلع ضفافها"  قبل الدخول إلى مجموعتها ماذا تريد من هذا المعنى وعلى أي أسس ارتكزت هي والتي سبقتها؟
كما اسأل صاحب مجموعة /سلة حكي/ الزجليّة ما هي أواصر القربى بين الشعر وبين قوله:
(فيك تحب .. وفيك تسب .. وفيك تخلي الناس تحبك)..
إلى أين يمكن أن يأخذنا مثل هذا الكلام وما مردوده الثقافي على حضارتنا، ولماذا لا نشتغل على تسميات أخرى ونعمل على تنمية وعيها ونضجها.. فالقصة والرواية لا تشكيان من شيء والخطابة أيضاً!!.
والآن أدركت لماذا قال الشاعر نزار قباني:
(الشعر ليس حمامات نطيرها..)، وأدركت الأسباب التي دفعت الشاعر محمد مهدي الجواهري ليقول:
(وحين تطغى على الحران جمرته .. فالصمت أفضل ما يطوى عليه فم).

ا