مقاربات في الخيانة.. بقلم: فادي برهان

مقاربات في الخيانة.. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٠ مايو ٢٠١٥

إذا كنا فيما سبق قد امتعضنا واعترضنا وشجبنا ونددنا بما يسمى (جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود) خادم الحرمين الشريفين!! والحاكم السابق للمملكة العربية السعودية عندما شرب نخب الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، وسمع العالم بأكمله صوت صك الكأس بالكأس، وقيل وقتها إن الخمر الذي تناوله الحليفان كان من أفخر وأفخم أنواع الويسكي حيث أشرف على صناعته وتخميره وتعتيقه أمهر صنّاع الخمور في لبنان، وهو قيادي بارز في تيار المستقبل أحب أن يهدي صاحب الجلالة (دبجانة معتقة)، فلماذا لم نعترض، ولم نشجب، ولم نشر إلى السيد إبراهيم الجعفري وسماحة السيد عبد العزيز الحكيم عندما قدما سيفاً مفضضاً ومذهباً هدية لبوش الابن نفسه، وسمع العالم بأسره ضحكات القوم وهم يقدمون ذو الفقار سيف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام الذي أفنى اليهود في خيبر؟؟
وإذا كنا اعترضنا على القيادة السعودية وعلى رأسها صاحب الجلالة المعظم الملك عبد الله _ الذي ناهز حينها سبعين عاماً قضاها في طاعة الله _ وأخيه سلمان عندما شاركهم الرئيس بوش الابن رقصة العرضة وهي رقصة النصر ولاح بسيفه وهزه في وجه الكاميرات متكبراً منتشياً!! فلماذا لم نعترض على السيد نوري المالكي عندما قدم رأسه رخيصاً ليكون دريئة أمام خطة سير حذاء منتظر الزيدي ليصدَّ برأسه ذاك الحذاء عن وجه بوش ويبتسم ابتسامة النصر البلهاء، لأنه استطاع أن يحميه من ضربات الحذاء؟!
وإذا كنا اعترضنا على سياسة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في غزوه للكويت حيث اضطر أن يخرج منها باتفاقية النفط مقابل الغذاء فلماذا لم نعترض على القيادة العراقية التي تسلمت زمام السلطة بعد 2003م والتي منحت الولايات المتحدة الأميركية النفط والغذاء والأرض والسماء؟!
وإذا كنا اعترضنا على صدام حسين نفسه أيضاً لأنه قام بانقلاب عسكري في سبعينيات القرن الماضي استلم من خلاله السلطة وأودى بمصير 22 عضواً من أعضاء مجلس قيادة الثورة في حزب البعث العربي الاشتراكي (العراقي)، فلماذا لم نعترض على حكام العراق الجدد الذين تسببوا بمقتل ملايين العراقيين مضافاً لتفكيك الجيش وتدمير البنى التحتية والحرب الطائفية والعشائرية والقبائلية التي جعلت من العراق قاعاً صفصفاً؟!
وإذا كنا قد غضبنا مما يسمى التحالف العربي بقيادة السعودية المشؤومة الذي يقوم بأكبر عملية اعتداء على اليمن السعيد ويقصفه بسرب من الطائرات الحربية (186 طائرة) حيث أضحى عصفاً مأكولاً، فلماذا لم نغضب حينما حلقت الطائرات الأميركية فوق سماء العراق وفي مقدمتها طائرة (بي 52) والتي حملت في جوفها (900 طن من المتفجرات) وشنت هجومها البربري على أرض بغداد وحصدت الأطفال والشيوخ والنساء و.. و.. ودمرت كل شيء ؟! فأطلق البعض حينها على تلك العملية تسمية (تحرير العراق )!!
وإذا استشطنا غضباً من الدول العربية التي ارتأت عدم مخالفة ما يسمى (الإجماع العربي) فشاركت في الاعتداء على اليمن، فلماذا لم نغضب من حكام دول الخليج حينما قدموا كل التسهيلات للتحالف الدولي في غزو العراق ؟! ولم نغضب من حسني مبارك الرئيس المصري السابق الذي فتح البحر الأحمر وقناة السويس للبوارج الأميركية لضرب مواقع مهمة للجيش العراقي؟!
وإذا بتنا اليوم نشعر بالغضب والاشمئزاز والحزن لمقتل الكثير من الضحايا في أكثر الدول العربية التي هبت عليها نسائم الربيع العربي أو موجات الوعي والصحوة الإسلامية كما أصر البعض على تسميتها، فلماذا لم نغضب عندما أُعدم الرئيس صدام حسين صباح عيد الأضحى _ بغض النظر عن موقفنا السياسي منه مخالفين أو موافقين _ وهو أسير حرب بين يدي محتل، أُعدم بعد محاكمة صورية شكلية عُقدت جلساتها في ظل الاحتلال؟!
وإذا كنا قد غضبنا من.. فلماذا لم نغضب من.. وإذا.. وإذا..