كلام في السياسة..مصطلحات ليست أقلّ خطراً..!!.. بقلم: عبد السلام حجاب

كلام في السياسة..مصطلحات ليست أقلّ خطراً..!!.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الاثنين، ١٨ مايو ٢٠١٥

منذ أن خرج من القمقم "مصطلح العولمة" وكأنه جني ألف ليلة وليلة، ساد العالم مناخ بربري لا إنساني، حيث أنتجت السياسة الأميركية الصهيونية واقعاً افتراضياً من خيالات جنون العظمة، فصار الإمعان بالجريمة يتصاعد طرداً مع شعور مرضي بالتورط والفشل، وهو ما أيقظ في الذاكرة تساؤلاً للفيلسوف، البرت أشفيتسر في مطلع القرن العشرين "كيف حدث ونسينا أن جوهر الحضارة أخلاقي" فتحول مصطلح القتل الجماعي الكريه إلى مجرد أضرار جانبيه بحسب كيسنجر، وهذا مصطلح آخر جرى الترويج له في السنوات الأخيرة.
وبتواتر لافت، لم تكن حالة مفاجئة تفشي مصطلحات ذات أبعاد سلبية على ضفاف الأزمة في سورية، وتداعياتها، بل عكست واقع الانكسار القسري لجدلية العلاقة بين السياسة والحضارة. وما أحدثه من أضرار بليغة في واقع ومستقبل الشعوب بعد أن كان مفترضاً بهذه العلاقة صيانة الإنسان بصيانة قيمته الأخلاقية وكرامته، فقضت وحشية "العولمة" إلى حدود التلاشي على صوت الملحمة اليونانية "إن الحماقة عندما تزهر، تنضج سنبلة من دماء".
ولعل، من بين تلك المصطلحات التي وفرت "العولمة الفاشية" مناخات ظهورها وتفشيها، مصطلح "السلب" ومصطلح "الاستلاب" اللذان حضرا بأضرارهما في الجسد السوري خلال سنوات الأزمة العجاف، بحيث لم تكن المسألة خلافاً بالحروف لكل مصطلح، زيادةً أو نقصاناً، بل في كونهما يعكسان وجهين للإرهاب، يختلفان بالوظيفة والأداء ويتقاطعان عند هدف تدمير الإنسان وتخريب قيمه النبيلة.
فإذا كان "السلب" تعريفاً، هو فعل عنيف، عدواني ووحشي، يرتكبه صاحبه، فرد، أو جماعة، ضد حياة الآخر وعرضه وماله، وضد المجتمع وقدراته لتدمير مستقبله، وهو الأمر الذي يستوجب التصدي له واجتثاثه.
فإن "الاستلاب" لا يقل خطراً، باعتباره، وفقاً للتعريف، ضياع الوعي، والضلال المعرفي، والإسقاط الخاطئ على موضوع لا يملك الجدارة.
ولقد تبين أن العالم تحت قبضة "العولمة" يضع مناخ الاستلاب العدمي.
الذي يفتقر إلى الشعور الإنساني والسخاء النفسي والانفتاح نحو الآخر، فيكون الإرهاب تعبيراً ظلامياً عن الخواء القيمي والعدمية السياسية والأخلاقية، بحيث يقتضي الخروج من هذا الاستلاب وما يفعله بصورة خفية داخل الفرد والمجتمع، تحقيق انتصار فكري وأخلاقي وحضاري، يعيد إلى الذات نواتها الصلبة وما تمثله الشجاعة أمام حضور ذي قيمة للفرد والمجتمع.
ما من شك بأن تلك المصطلحات السوداء التي روجت لها سياسات أميركية صهيونية لتغزو حياتنا وقيمنا الوطنية والقومية، لا تقل خطراً عن الحروب العسكرية في الميدان، الأمر الذي يمنح المصطلحات الوطنية التي نبعدها لتصليب الموقف والإرادة، قيمة اجتماعية مضافة، لا تقطع الطريق أمام عدمية الإرهاب وفكره الظلامي فحسب، بل أيضاً تفتح الروح الوطنية في المجتمع باتجاه الفعل المبدع الذي يصنع المستقبل.