في السادس من أيار.. سورية مَهرُك دمنا لتبقي طاهرة

في السادس من أيار.. سورية مَهرُك دمنا لتبقي طاهرة

تحليل وآراء

الأربعاء، ٦ مايو ٢٠١٥

ما زلنا على الوعد أوفياء لتاريخنا وما زلنا كبلد نحن الأغنى بثروته البشرية وما زالت تردد الأصقاع شذى حكاية سورية عنوانها مجد، ومدخلها عزّةٌ، وعرضها تضحية وكبرياء، وخاتمتها سيادة وانتصار.
من يستطيع أن يكذّب التاريخ أو يلغي الحقائق؟ لو كان بإمكان أحد فعل ذلك لأفرد الظلام جنحه في كل مكان لكن عندما يولد الإنسان مسكوناً بوطن بقيمة وحجم ومكانة سورية فإن عشقه للنور وللحياة لا يضاهيه عشقٌ ولا يقترب من عظمته عظيمٌ وما يجعل لهذه القيم دلالات أكبر لدى السوريين هو أنهم سكبوا فيها من ذاتهم ومن أنفسهم ما جعل كل مفردة سورية لها وزنها وحضورها المؤثر في وجدان الإنسانية.‏
يقول لنا البعض: لماذا كل هذا التباهي خاصة وأن الأمور أصبحت ضبابية في المشهد، فنردّ بثقة المؤمن بالله وبالوطن: علّمنا التاريخ أنه لا يضيع حقٌ وراءه مطالبٌ، والعيش الآمن والسيادة والتمتّع بخيرات بلدنا واستنشاق هوائه العليل وغير ذلك هي حقوق لنا ناضلنا في سبيلها كثيراً ودوّناها بالدم ملكيةً سوريةً، وأقسمنا أن نحافظ عليها ونقدّم في سبيلها الغالي والنفيس منذ فجر التاريخ وإلى أن يعلن هذا التاريخ نهاية أيامه، لم ولن نتراجع عن هذا العقد الوثيق، ولم ولن نملّ هذا الطريق، واثقون بقوة مبادئنا، ومتأكدون من شرعية منهجنا ولا يهمّنا جهل من يحاربنا أو بطش من يهاجمنا فحين خرج الشهيد البطل يوسف العظمة إلى ميسلون بالعشرات من رفاقه كان يعلم أنه سيلاقي آلاف الفرنسيين المدججين بالسلاح وبالحقد ومع هذا خرج فهل بإمكان الزمان إلا أن يخلّد موقفه وبطولته؟.‏
وعندما نُصبت أعواد المرجة ألم يكن صعود شهداء السادس من أيار إلى حتفهم رافعي الرأس أعظم من كل تاريخ العثمانيين و(فتوحاتهم)؟‏
لماذا لم ينهزم يوسف العظمة إلى عمر يعيشه ذليلاً؟ ولماذا لم يتخلَّ شهداء المرجة عن فكر أرادوا به خير وطنهم؟ أليس لأنهم خرجوا من رحم التراب السوري مجبولين بأنفته وبكبريائه؟‏
الغريب في تفاصيل هذه الحرب الكونية على هذه الخصوصية السورية أن من خطط لهذه الحرب ومن تبرّع لتنفيذها والمشاركة بها يعرفون هذه الخصوصية ويعرفون أنهم لن يحصدوا من (غزوتهم الميمونة) سوى النار التي ستحرق حاضرهم ومستقبلهم فأي قرار أرعن ارتضوا أن ينفذّوه خدمةً لعدونا الحقيقي؟‏
هل اعتقدوا أن بوصلة الإنسان السوري انحرفت عن قيمه وعن ثوابته وأنه أصبح يألف الذلّ أو التنكر للرحم الذي أنبت هذه القيم؟‏
نحن نعرف الجواب بكل تفاصيله لكن ما نريد قوله لمن تناسى هذا الأمر: قفوا في مكانكم أيها الغافلون فما عشنا ولن نعيش يوماً إلا سوريين بأنفاس الصبح نوقد أيامنا وعلى مسرى الخلود تكرج أحلامنا وإن انقطعت الكهرباء يوماً عن منازلنا لا يهمّنا لأن في كل بيت من بيوتنا شهيد أو أكثر يغار منه من لم يلحق به.‏
الشهادة في سورية لا تعادلها أي قيمة، يتسابق إليها الجميع، كلّ منا ينتظر دوره ويرنو إليها كالسنابل المملوءة خيراً تنتظر بفرحة الموت المناجل.‏
مهرك الدم يا سورية وكلنا من أجل عزتك عرسان نلبس أخضر الجنة، نتطهّر من دنس الفكر ومن عفن الظنّ ونرتدي حقيقتك المنسوجة بالإيمان والمطرزة بالحب السوري الخالص فنعمَ أنتِ من بلد وما نتمناه هو أن نكون جديرين بالانتماء إليك.‏