عادوا إلينا والعود أحمد.. بقلم: فادي برهان

عادوا إلينا والعود أحمد.. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الأربعاء، ٦ مايو ٢٠١٥

تتناسب الأمور عكساً بين الإغراءات والتسهيلات المقدمة من قبل الدولة للمغرر بهم وبين عودتهم إلى رشدهم، والمتابع الدقيق يلاحظ وبسهولة أن الكثير من المغرّر بهم الذين سلموا أنفسهم وأسلحتهم وعادوا إلى رشدهم كما يدعون، ازدادوا جنوناً وتعنتاً وتهوراً واعتقدوا أنهم وبمجرد تسليم أنفسهم أصبحوا أصحاب فضلٍ على الوطن! يمنون عليه أن سلّموا أنفسهم وأوقفوا القتال وبالتالي فإن من حقهم أن يغنموا ويكسبوا جراء فعلهم هذا، ومنهم من يشترط لتسليم نفسه، ويفرض على الدولة مطالبه حتى إن بعضهم _ وبعد أن قتل عشرين عسكرياً على أقل تقدير _ وقبل أن يسلم سلاحه كان يناقش في مسائل تخص أمنه وعمله وطلب راتباً شهرياً يتساوى مع راتبه الذي يتقاضاه من المجموعات المسلحة التي يعمل لديها، ومنهم _ من الذين كانوا يعملون بتصميم العبوات الناسفة _ من طلب سكناً وسيارة فخمة وفرصة عمل جيدة تؤمن له حياة كريمة، وإلا فإنه سوف يستمر بتصنيع العبوات وتفخيخ السيارات ونشر شرّه في طول البلاد وعرضها، ومنهم من يتساءل عن المكافأة الثمينة التي سيحصل عليها مقابل تسليم نفسه وتسوية وضعه ويوازن بينها وبين المكتسبات والامتيازات مع المسلحين، حتى إن البعض منهم أشار وبشكل وقح إلى ضعف الإغراءات المقدمة من الدولة مقارنةً بما تقدمه الدول الداعمة والراعية للإرهاب وتحدث بصراحة: إن على الدولة السورية أن تقدم أضعاف ما تقدمه تركيا والسعودية وقطر لتستوعب المعارضة المسلحة وتستدرجها وتعيدها إلى أحضان الوطن وتجعل من قادتها رموزاً للصلاح والفلاح والنجاح وقادة رأي يسوقون عناصرهم أمامهم لتسليم أنفسهم وتسوية أوضاعهم بأقل من نصف ساعة مع غض النظر عن جرائمهم البشعة التي ارتكبوها أيام الثورة!!
وعلى الرغم من كل التسهيلات المقدمة من الدولة لهؤلاء المخربين يماطل بعضهم في تسليم نفسه ويظهر أشكالاً متنوعة من الدلال والغنج، ويحاور في أحقية موقفه، ويتساءل ويتأمل ويتفكر ويستغرق في البعيد ويحسب حساباته الخاصة والعامة ويضرب أخماسه بأسداسه، ويقارن بين حالته كمسلح وحالته كمنزوع السلاح، حتى إن لجان المصالحة الوطنية والشعبية الذين نذروا أنفسهم للخير والصلح يتوسلون ويتسولون ويناشدون ويتذللون لبعض المخربين بمظهر تتصدع له الأرض إن لم نقل السماء.. وجيه صالح معروف ومشهور وأصيل في قومه يقف بين يدي مراهق فاجر عاهر يتوسل إليه أن يوقف القتال ويحقن دماء الأبرياء ويحافظ على ما تبقى من بُنى تحتية وأبنية ويتخذ كافة السبل والوسائل لإقناع ذاك الجاهل المخرب الذي يدعي أنه ينشد الحرية والعدالة والمساواة في حين كان الوجيه وقبل أن تهب رياح الربيع العربي يتحاشى أن يقترب من هذا النوع من الناس الذي سرعان ما ينجرف في تيار المال والجنس.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح:
هل تحولت المصالحة الوطنية إلى أداة لاستنقاد المسلحين؟ أم تحولت إلى مصدر رزق ومورد للمال والثروات؟
ثمّ لماذا ينشد المسلحون الصلح أثناء جوعهم وعطشهم ثم يستنكفون عنه بعد إدخال المواد الغذائية الأولية إلى مناطقهم؟
لماذا يستسلم المسلح في أوقات الحرج ويقوى عوده في أوقات الفرج؟
وهل يستطيع مواطن صالح أن يدعي بشكوى قضائية _ مثلاً _ ضد مسلح قد سوى وضعه؟ أم إن الحصانة شملته بحيث أصبح وهو سيد الموقف؟
وهل يستطيع المواطن الشريف أن يصمد أمام الإغراءات التي تقدمها الدولة للمسلح أم إنه سينقلب إلى مسلح لكي ينال من المجد نصيباً؟