هل نحن بحاجة إلى العلمانية ؟ .. بقلم : غسان يوسف

هل نحن بحاجة إلى العلمانية ؟ .. بقلم : غسان يوسف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ أبريل ٢٠١٥

مجرد أن تتفوه وتنطق بكلمة (علمانية) أمام البعض، فإما أن ينظر إليك نظرة ازدراء، أو يتجاهل ما تقول، أو يغير الحديث، أو يعدك بأن يجلس معك جلسات طويلة عله يهديك ويكسب بك حسنة عند الله! وإذا قلت له إن العلمانية من العلم وإن الله سبحانه وتعالى رفع من مكانة العلم والتفكير يورد لك مئات الأحاديث التي تناقض ما تقول، وإذا قلت له إن العلمانية تحترم العقائد.. يقول لك ما الفائدة إذا لم تطبق الشريعة، متناسين أننا نعيش في عصر يختلف كلياً عن عصر نزول الشريعة.
ويُرجع لك البعض فشل أي مشروع وطني إلى النهج العلماني الذي اتبعته تلك الدولة، خذ مثلاً عناوين هذه الكتب.. (العلمانيون وفلسطين ستون عاماً من الفشل وماذا بعد؟) أو هذا الكتاب.. (العلمانية وضلالة فصل الدين عن السياسة) أو (الفتاوى الجلية لبيان حكم الشرع في العلمانية).. الخ
هؤلاء الذين يقضون السنين في كتابة هذه الكتب وقراءتها ألم يسألوا أنفسهم مرة من أحضر آلات الطباعة إلى بلادنا ؟ ومن ترجم لهم كتب العلوم التي تُدرّس لأولادهم ؟ ومن يسهر جاهداً في تطوير التكنولوجية ؟.. للأسف إنهم يهاجمون العلمانية بأدوات علمانية !
أليس من المهم أن يبحث الوطن الجريح كسورية عن حل يرضي الجميع كما فعلت الدول الأوروبية التي نجحت في فصل الدين عن الدولة وتفرغت لنهضتها الاقتصادية والصناعية، وهي اليوم تعيش عصر التكنولوجيا بأحدث رقمياتها !
نعم، نحن بحاجة لدولة تقوم على فكر لا يفرق بين المواطنين على أساس انتماءاتهم الدينية الطائفية والإثنية.
العلمانية تعمل على التخلص من جميع الأوامر التي تعمل الدول الدينية على إلزام البعض بها كإجبارهم على اعتناق دين معين أو مذهب معين، أو الالتزام بعادات وتقاليد معينة لا تروق لهم، فالفرد حرّ في اعتناق ما يشاء لكنه متساوٍ في القانون مع الجميع.
العلمانية هي التي ستساعدنا على الخروج من تخلفنا، لذا نتوجه إلى كل أعداء العلمانية ونقول لهم: انظروا إلى الهند كيف أصبحت الدولة الأولى في العالم في برمجة النظم الالكترونية، وكيف تمكن صياد فقير كالدكتور زين العابدين أن يعتلي رأس الدولة على الرغم من أن نسبة المسلمين في الهند لا تتجاوز 15 %، وكيف تمكن رجل من طائفة السيخ التي لا تشكل سوى 3 % أن يعتلي رئاسة الوزراء! وفي سنغافورة ذات الأغلبية البوذية يرأس البرلمان هناك رجل مسلم!
ونسأل أصحاب الفكر الديني الطائفي المتعصب.. لماذا ينادون بالعلمانية ويؤكدون على تطبيقها عندما يكونون في الغرب، حيث تسمح لهم العلمانية بممارسة كل طقوسهم وتحترم عقائدهم؟ أما هنا فيرفضونها ويتهمون من ينادي بها بالإلحاد، أليس هذا تناقضاً وازدواجية ؟!