الثمر..... الحجر؟؟ .. بقلم: سامر يحيى

الثمر..... الحجر؟؟ .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١٩ أبريل ٢٠١٥

بلا شكّ أغلبنا يعتبر نفسه الربّ الأعلى، وأن المهمة الملقاة على عاتقه هي حمل كبير ويقوم بها متناسياً أنه ينال مرتباً ـ وليس مجاناً ــ بغض النظر عن عائدات هذا المرتّب وكفايته لتأمين متطلّبات حياته طالما هو نفسه سعى وقبل بهذا العمل، كما أن الكثير منا يعتبر نفسه يعرف الخفايا والقادر على حلّ المسائل المعقّدة كلّها، وأي نصح أو نقد يتجاهله، ومدّعياً أن هذا النقد يزيده جاهاً وشعبية تحت شعارات شتى، ويتجاهل أنه موجود في مجتمع متشعّب أنماط الحياة والتفكير، مستنداً على حكمة تعلّمناها في الصغر، "الشجرة المثمرة ترمى بالحجارة" علماً أن الهدف من رمي الشجرة المثمرة بالحجارة هو الحصول على الثمار، وليس بهدف تدمير هذه الشجرة أو الطعن بها، ودور من يُرمى بالحجارة أن يقدّم ثماراً إيجابيةً، وعندما تنضج الثمرة تسقط تلقائياً على الأرض فيحصل عليها الجاني من دون أن يرميها، وهذا ما يجب أن يقوم به الموظّف الحكومي وهو أن يكسر الفجوة بين مؤسسته ودورها في المجتمع والمواطن لكي يقطف الرامي ثماراً إيجابيةً من رميه أو يظهر نتائج ما تقوم به مؤسسته على أرض الواقع من دون عناء التمحيص والتدقيق من المواطن، وعندها تضيق الفجوة بين الحكومة والمواطن..
 لكن التساؤل الذي يستحق أن نعطيه الكثير من الوقت والاهتمام والتفكير الجدّي، وهو رأي شخصي، لكي لا أدخل في نقاش المصطلحات والمفاهيم التي من المفترض أن نستخدمها بما يتناسب مع واقعنا نحن لا كما وضعها المنظّرون خلال مرحلة زمنية معيّنة أو انطلاقاً من قاعدة بيانات ودراسات وخبرات قد تكون مختلفةً تماماً عن الواقع الحالي، وهو ما يطلق عليه "العلاقات العامة" التي من المفترض أن تأخذ دورها الجدي والحقيقي في كل مؤسساتنا، باعتبارها صلة الوصل بين الإدارة وجمهورها، وبين الإدارة وموظفيها، تنقل عمل المؤسسة للجمهور، وتنقل رأي الجمهور للمؤسسة بهدف كسب أكبر عدد ممكن من المتابعين والمدافعين عن هذه المؤسسة أو تلك، ويكون دورها عبر إيجاد أفضل السبل للخروج بالقرارات المناسبة والتي تفيد المؤسسة والمجتمع وبالتالي الوطن...
فمن الخطأ الفادح ما يتبجّح به عند توجيه النقد له من الآخر، مدعياً بأنه يترفّع عن الرد على الاتهامات والنقد التي تطلق عليه، تحت ستار القافلة تسير....... ولن يتأثّر بالشعارات والنقد الهدام، وسيترفّع عن الصغائر، حسب تعبيره، ولديه أمور أكثر أهمية يعمل عليها، بدلاً من الانطلاق من أن هذا المواطن أو الناقد هو الجزء الأساس الذي وجد لأجله، وباعتبار أن لدينا من المؤسسات ما يكفي إن أردنا العمل بوطنية وجدّية وضمير حي، ولاسيّما مع تبيّن زيف النتائج الإيجابية التي كانت تنقلها الأرقام والشخصيات، وابتعادها تماماً عن الحقائق والوضع على الأرض، ما يتطلب منا إعادة النظر حتى بأسلوب الحكم على الأشياء، وقيام المؤسسات بدورها بالتدقيق والتمحيص والاستفادة من رأي الآخر أياً كان، والوقت هو الآن مناسب، وكافة مؤسسات الدولة مرتّبة هرمياً، بشكل يفترض أنه يشمل كافة مناحي الحياة العملية والاجتماعية، وعندما تلتزم كل جهة ومؤسسة بدورها، ننهض جميعاً بشكل متوازٍ، بعيداً عن الانتظار أو تحميل جهة المسؤولية، منتظرين نتائج ما تقوم به على أرض الواقع، مبررين تقصيرنا بالظرف الراهن....
إننا وفي ظل عصر السرعة والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي علينا أخذ كل نقد على محمل الجد، ودراسته وتمحيصه والتدقيق به، فسواء كان سلبياً أو إيجابياً صادقاً أو اتهاماً باطلاً، لكنّه بالتأكيد يفتح أمامنا أفاقاً جديدة لتطوير عمل وأداء المؤسسة واقترابها من جمهورها، وإغلاق الفجوات والثغرات، ووقتها تلقائياً سيختفي النقد الهدام.
نعم علينا إلا ننظر للنصف الفارغ من الكأس، ولا للنصف الملآن، بل علينا أن ننظر للقسمين معاً، وكيفية الاستفادة من النصف الملآن وإمكانية تطوير العمل لملء الكأس الفارغ..
بالتأكيد كلامي ليس موجّهاً لوسائل الإعلام أو مؤسسة بعينها، بل يكاد يشمل معظم مؤسساتنا، فكل منا لها دور أساس في توجيه الرأي العام، عبر ما تقدّم له من الخدمات وتلبّي حقوقه ومتطلّباته، وتجعله يقوم بواجباته بكل رحابة صدر، وتوصله للنقطة التي يميّز فيها بين الغث والسمين... وبالتالي نستطيع أن نبني وطناً، الذي يحتاج جهود الجميع من دون استثناء أحد، بعيداً أن إقصاء أحد، أو الاستهتار بأحد أو الاستخفاف به لسبب أو آخر، بل مراعاة الظروف، ووجود الشخص في مؤسسة حكومية تحتّم عليه استيعاب الجميع، لكي يشارك الجميع بفعالية في بناء الوطن.... وتبقى القلّة النادرة، وهي بالتأكيد وقتها لن تشكّل عبئاً على الوطن.... بل يطغى الخير على الشر وينتصر الوطن بأبنائه جميعاً.