وفد فرنسي في شوارع دمشق مجدداً !!

وفد فرنسي في شوارع دمشق مجدداً !!

تحليل وآراء

السبت، ٢٨ فبراير ٢٠١٥

لم تمض فترة طويلة على زيارة وفد استخباراتي فرنسي إلى دمشق حتى توجه وفد برلماني باريسي إلى الشام، إشارات اعتبرها البعض بدءاً لتغير فرنسي محتمل في السياسة حيال الملف السوري. وفد يتألف من أربعة نواب، يشتركون في نزعتهم الوسطية المعتدلة وبعدهم عن التطرف واليمين الفرنسي فهل كان انتقاؤهم لتشكيل وفد إلى سورية مقصوداً من باريس؟
الحكومة الفرنسية سارعت بعد الضجيج الإعلامي الذي أحدثه توجه الوفد إلى دمشق، إلى التأكيد بأن هؤلاء ذهبوا إلى سورية من دون تكليف من باريس، وأنهم لا يحملون رسالة رسمية، الموقف الفرنسي بات أشبه بالتبرؤ من تلك الزيارة! لكن في الدول التي تحكمها القوانين من غير المعقول أن يقوم برلمانيون باتخاذ خطوات تتعلق بالسياسة الخارجية دون الرجوع للدولة، إذ لا تسمح القوانين والأنظمة الأوروبية وغيرها لبرلمانييها بحياكة علاقات سياسية خارجية مع جهات أجنبية دون قرار حكومي. إن كان هناك توجيه رسمي فرنسي لذلك الوفد بالتوجه إلى سورية فلم هذا التبرؤ؟ ردات الفعل الخليجية ثارت وراء الكواليس، وباعتبار باريس على علاقة قوية بالرياض، فإن الأخيرة دون أدنى أشك قد أرسلت رسالة توضيحية لتبيان ملابسات الخبر. ما يظهر الفرنسيين في موقف المتخبط، بين الرغبة الفرنسية الجادة بإعادة التعاطي السياسي مع سورية بأسلوب جديد، وبين ردة فعل حلفائها الخليجيين من ذلك. الفرنسيون يعلمون مدى الفائدة التي سيحصدونها في حال تعاونهم مع سورية، لجهة مكافحة الإرهاب، لكون فرنسا من أكثر البلدان الأوروبية التي لها مقاتلون بين صفوف التنظيمات المتشددة، بالتالي فإن عدم الرجوع إلى دمشق والتعاون معها سيجعل الفرنسيين يعيشون بانتظار أن يستيقظوا في صباح ما على وقع تفجير ضخم. الوفد الفرنسي سيلتقي بمسؤولين سوريين، هل هناك رسائل فرنسية غير معلنة سيحملها هؤلاء إلى السوريين؟ أم إن هذه الزيارة تُصنف على أنها زيارة استكشافية ولجس النبض السوري من الموقف الفرنسي؟ ما المطالب الجديدة لسورية مقابل أي تعاون مع باريس؟ هل سيُعاد فتح السفارات؟ أم ستظل الفترة القادمة مقتصرة على زيارات خفية لوفود فرنسية إلى دمشق؟. بالمحصلة فإن زيارة الوفد الفرنسي لدمشق هي كقيامهم برش بارفاناتهم الباريسية على الأرض السورية، كمحاولة لكسب ودّ دمشق وصولاً للحصول على الجائزة الكبرى المتمثلة بتعاون سوري - فرنسي في المجال الاستخباراتي والأمني لمكافحة الإرهاب.