المثقفون إلى أين؟ بقلم: حسين مهدي

المثقفون إلى أين؟ بقلم: حسين مهدي

تحليل وآراء

الجمعة، ١٣ فبراير ٢٠١٥

إنّ النشاطات الأدبية والثقافية التي يبدع بها المثقفون قبل جيلنا الحالي (المثقفون الرواد) كانت الطريقة المتواضعة وعلى بساطتهم وكلام صباح الخير مع ابتسامات مستمرة أثناء (شرح الدرس) وقد يكون الموضوع الثقافي حول (القومية العربية) لأنّها هي حب قبل كل شيء وشعور إنساني، ومن خلاله نتعلم منهم بكل إصغاء حول (كيف تكون القدرة لدينا عندما نريد كتابة الموضوع الثقافي الذي يميزنا عندما نتخرج من الكلية أو المعهد) أو الوصول لكلمة الاستحقاق عندما نقرأ المواضيع الثقافية، قد يكون على سبيل المثال العلاقة مع الأخوة المثقفين والمتابعين من القراء لنشاطاتهم اليومية لما يقدمونه من كتابة مقالات ثقافية أو دراسات نقدية في المجالات الاقتصادية أو الصحية والسياسية لأنّ مواجهة ظروف المرحلة التي تمر بها الأمة العربية بشكل عام وسورية الصمود والمقاومة بشكل خاص يفرض على المثقفين أن يدخلوا في إنذار دائم لكي يقفوا جنباً إلى جنب مع المقاتل الذي يدافع ليل نهار كي يذهب الطلاب إلى كلياتهم والأطفال إلى مدارسهم.
إنّ الإعلام المعادي يحاول استغلال أزمة ما لكي يدق طبوله الفاشلة الفارغة ليحرك بعض العقول ذات الطابع المنحرف ليجعل منهم مسرحية تمثل خيالهم الطوباي، إنّ فضح زيف أعلام الحاقدين والعملاء الذين يبيعون ضميرهم إلى الأجنبي - الذين لن يرحمهم التاريخ-  وكشف نواياهم التي باتت واضحة لكل ذي بصر أصبح واجباً على كل من يمتلك قليلاً من المروءة.
يعيش المثقفون في بعض أقطار الوطن العربي في حالة ترقب وفي ضلال هبوب رياح ما يسمى "بالربيع اللاعربي" وقد استطاع المثقفون في بعض الصحف العربية التأثير على المشهد الثقافي وتوصل البعض الآخر إلى فضح زيف الفساد الذي تدخل من خلال العدوان في بعض الدول ذات السيادة.
إنّ بعض المثقفين أصبحوا بعيدين عن متابعة ما يجري من أحداث والبعض الآخر انكفأ يجتر مرارة اليأس ويتخبط في تيار الإحباط وإن كان الدور السياسي يتطلب منه جرأة أكثر وجهداً أكبر، فيما طغى دور الشباب باعتبارهم الفئة الأكبر والأكثر حماساً التي يتردد صداها في البيوت والمقاهي والمكاتب والصالات وأماكن النزهة مما يتطلب من المثقفين أن يساهموا ويساعدوا الشباب المتحمس لأي ظرف يمر به بلدهم ويقدمون الدعم المعنوي.
"إنّ المثقفون الرواد" وما قدموه للمستقبل خاصة كانوا يؤكدون حول الاستنتاجات التي تمر بها الأمة على الصعيد الثقافي من ثقافة لظروف مرحلية زائفة ومعكوسة عندما يحصل عدوان بكافة أشكاله على (أي قطر عربي) لأنّ الوعي الذي يمتلكونه قادر على تطوير الثقافة واستعادة القدرة لتحليل الجدل الحاصل "بين الرأسمالية البغيضة والإمبريالية العالمية والصهيونية المتغطرسة وبين الدول ذات السيادة".
إنّ همّ المثقفين والكتاب والشعراء الرواد الذين يتم استذكارهم بين مناسبة وأخرى – ولا أريد ذكر أسماء حتى لا أبخس أحداً حقه- هو الدليل على التجربة المخلصة لجيل ثلاثينيات وخمسينيات القرن الماضي حيث كانوا يتعاملون بحالة من التطور الثقافي من خلال ممارستهم اليومية الصادقة وليس العداء والنفاق اللاثقافي الذي يقوم به بعض من يسمون أنفسهم بالمثقفين الجدد.
حري بنا أن نبقى أوفياء لما قدموه للأجيال لأنّهم يشكلون خلية أزمة لكل عدوان استعماري وينقلون بتحركاتهم بكل هدوء كشف زيف هذا العدوان وحث المجموعات الأدبية سواء في العمل أو في الشارع وفي كل مكان لكي يفندوا الحالة الواقعية وبكل بساطة إلى الجمهور لمعالجة هذه الظاهرة وتلك لأنّهم وكما نعرفهم يقدمون لبرنامجهم اليومي الثقافي ويراعون الاختلافات التي تحصل بالتوجه الهادئ.
إخواني المثقفين العرب أينما كنتم- وإن ظننتم أنّ صوتكم غير مسموع- تقع على عاتقنا المسؤولية أمام شعوبنا لكي نلعب دوراً لكشف زيف المتآمرين الذين يحاولون تغطية الشمس بالغربال وبعض الكتاب الذين باعوا ضمائرهم للأجنبي وبعض الذين يظنون أنفسهم عرباً.
وسنستذكر من خلال الممارسة اليومية وكل ما يسمح به الظرف (الرواد) وما قدموه للأمة العربية من حضارة ومواقف مشرفة بالدفاع عن القضية الفلسطينية ولم يكتف الدور الذي لعبه إعلامنا العربي على نقل الأحداث بل ساهم بشكل مباشر في نشر الواقع الحقيقي.. لكن إعلام بعض الدول والتي تسمي نفسها عضواً في الجامعة العربية لعب دور العدو وشكّل مع الكيان الصهيوني وجهين لعملة واحدة.
ولكن المساحة الإعلامية التي منحت إلى بعض ما يسمى الأخوة العرب التابعون لقنوات مشبوهة عملوا على ترويج (فبركات إعلامية) تابعة لأنظمة متورطة حتى (النخاع الشوكي) بالتدخل إعلامياً ومادياً وتعبوياً في الشأن الداخلي في العراق وتونس وليبيا ومصر وسورية و... ومن خلال هذا كله نقول: المثقفون إلى أين؟؟؟

كاتب وشاعر عراقي