بعد أن وقع ما وقع.. ما الحل لأزماتنا؟..المطلوب حكومة تعرف كيف تدير الأزمات اقتصادياً واجتماعياً.. بقلم: د.سمير صارم

بعد أن وقع ما وقع.. ما الحل لأزماتنا؟..المطلوب حكومة تعرف كيف تدير الأزمات اقتصادياً واجتماعياً.. بقلم: د.سمير صارم

تحليل وآراء

الجمعة، ٣٠ يناير ٢٠١٥

ملاحظة أجدها هامة: "تمت كتابة هذه المادة الصحفية في مطلع السنة الثانية للأزمة ولم أرسلها للنشر في حينه لأنني وجدتها قاسية - ربما – واليوم قرأتها ونحن نقترب من نهاية السنة الرابعة للأزمة فلم أجد أنّ أية أزمة من الأزمات التي أشرت إليها قد تغيرت.. بل زادت الأزمات بشكل غير مبرر.. أي إنّني أجد أنّه بالإمكان حلّها، فقررت أن أنشرها كما كتبتها دون أي تعليق.. والتعليق أتركه للقارئ.. أي لكم.. فما عساكم تقولون!"
الكاتب
 ما بات في حكم المؤكد اليوم بعد دخول الأزمة في سورية شهرها الخامس عشر أنّ المواطن السوري بدأ يعاني أكثر من أزمة حياته تتلخص في ارتفاعات أسعار مختلف السلع، ولاسيما الاستهلاكية منها، ونقص بعض المواد كالغاز والمازوت..
 وعلى الصعيد الاقتصادي بدأت بوادر أزمة تظهر في قطاع التجارة، وفي تراجع حجم الاستثمار ولاسيما الخارجي منه، إلى غير ذلك من أزمات أو مشكلات اقتصادية ومعاشية..
 والسؤال الذي يمكن أن يطرح بعد استعراض أو استذكار عدد من الأزمات هو:
 - ألم يكن بالإمكان التخفيف من الآثار السلبية لهذه الأزمات؟
 أو بمعنى آخر:
 - هل سبقنا هذه الأزمات بالإعداد لمواجهتها بالطرائق المناسبة؟..
 بمعنى آخر:
 - هل استطعنا إدارة الأزمة بكافة جوانبها وتفرعاتها بشكل صحيح حتى لا تستفحل وتصبح عصية على الحل؟!
 - وهل تم تفعيل بعض مكامن القوة في الاقتصاد السوري لتغطي على أي نقص أو احتياج، ولاسيما في السلع الغذائية؟..
 سؤال مباشر:
 وبشكل أكثر وضوحاً:
 - هل كانت قراراتنا وتوجهاتنا ـ الحكومية طبعاً ـ بحجم الأزمة؟.. أو بحجم العقوبات التي فرضت على سورية فنتفادى الأزمات؟!.
 الأسئلة عديدة، ويمكن أن تكون أكثر، لكن لجميعها يمكن أن تكون نفس الإجابة، وهي أننا لم نتعامل مع العقوبات، أو الأوضاع التي استجدت بعدها أو بسببها كما يجب!..
 بل أستطيع القول إنّ الحكومة لم تكن كما كان مأمولاً منها في أي قطاع، له صلة بالمواطن والاقتصاد الوطني.. فبدأت معاناته من الأسعار التي ارتفعت إلى حدود غير معقولة ولا مقبولة لأي سبب، وأغلقت آلاف المعامل والورشات، وتم تسريح عشرات آلاف العمال، ولم يتم اتخاذ أية خطوة جادة على طريق حل مشكلة البطالة، مع الإشارة إلى أنّ العقود ليست حلاً، طالما أنّ من يتم التعاقد معه سيأتي اليوم الذي سيجد فيه نفسه بلا عمل، بل إنّ فرص العمل الأخرى ستجف من أمامه أكثر لأنّه صار أكبر سناً !!..
 قرارات ليست في مصلحة الإنتاج:
 وبدل أن نزيد الاستثمارات التي يمكن أن تشغل قوى عاملة جديدة تم تقليصها أو إيقافها!! وسارت الأمور وكأنه لا أزمة أو تباشير أزمات عندنا!!.. وتركنا القطاع الخاص التجاري يرهق الناس بأسعاره، وزدنا الأعباء على القطاع الصناعي وآخر هذه الأعباء زيادة تعرفة الكهرباء، ولم يكن القطاع الزراعي أحسن حالاً بعد زيادة أسعار بعض مستلزمات إنتاجه، وأهمها الأسمدة!!.. ولم يلق المواطن والصناعي من الحكومة غير عبارات تبسيط الأزمة بتصريحات مثل:
 "أنّ سورية اعتادت على مثل هذه العقوبات.. وستتجاوزها".. و"التاجر يستطيع أن يدبر رأسه".. وأيضاً: "المواطن السوري جاهز لأن يتحمل كل شيء من أجل الوطن وعزته".. أو: "إننا نحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من منتجاتنا ولاسيما الغذائية منها ولا خوف على ذلك".. لكن الأزمة الأخيرة أثبتت أنّ اكتفاءنا الذاتي الذي كنا نفاخر به قد تراجع كثيراً بسبب السياسات غير الرشيدة لهذه الحكومة في القطاعات الإنتاجية !!..
 أين القطاع الخاص:
 لكن هل يصح الركون إلى الحس القومي والوطني الذي يتمتع به مواطننا فنحمّله ما لم يستطع تحمله؟؟..
 بالتأكيد لا!!..
 ونضيف إلى غياب الحكومة عن إيجاد خلية أزمة فاعلة تواجه العقوبات وتخفف التأثيرات السلبية، غياب القطاع الخاص ولاسيما التجاري منه عن أي فعل إيجابي يساهم بتخفيف الأزمة، وارتفاعات الأسعار غير المبررة اقتصادياً إلى الحدود التي وصلت إليها ثم عدم تراجعها بعد انخفاض سعر صرف الدولار تجاه الليرة خير دليل على ذلك.
 سعر صرف الليرة:
 وفي توصيف المشكلات أيضاً نتوقف عند سعر صرف الليرة!.. إنّه أحجية الأحاجي، وقد بدأت المشكلة وتفاقمت نتيجة قرارات خاطئة بدأت ببيع الدولار عن طريق قرارات إجراء مزادات، ولم تنته، أو بالأحرى لم يتم الحد من الارتفاعات غير المبررة أيضاً للدولار والوصول إلى ما وصل إليه اقتصادياً إلا بعد حين، وكان من نتيجة ذلك ما نعرفه جميعاً تراجع القيمة الشرائية وارتفاعات الأسعار.. وما يعني ذلك من ارتفاع مؤشر التضخم واتساع دائرة الفقر.. إلخ..
تدهور الطبقة الوسطى:
ونختم المشكلات بالحديث عن تدهور الطبقة الوسطى التي يجب توسيع قاعدتها لأنّها الحامل الاقتصادي والاجتماعي، بل والسياسي لكل مجتمع يطمح للبقاء والتقدم!..
 لقد تدهورت الطبقة الوسطى وانضم جزء كبير منها إلى شريحة الفقراء، ولهذا سلبياته التي يجب دراستها لتجاوزها، وإعادة دور هذه الطبقة وتفعيله.. والأشد خطورة من ذلك أنّ الفساد لم يتراجع بل ازداد واتسع وتعمّق، ولعل عند هذا يمكن أن يكون لنا وقفة قادمة!!
 ماذا نفعل؟..
 السؤال الآن:
 - أما وقد وصلت الأزمة إلى ما وصلت إليه هل من حل؟! أو حلول مقترحة؟!
 الجواب هو بالتأكيد أننا لم ولن نفقد الأمل، لأنّه لايزال لدينا العديد من مكامن القوة التي لم تستغل جيداً في الاقتصاد السوري، كالزراعة، ولدينا أيضاً ما لايزال يستطيع أن يساعدنا في الصمود كانعدام المديونية، والاحتياطي النقدي والذهبي، وصناعة الدواء المتقدمة، وغير ذلك!
 نحتاج إلى أكثر من فريق إدارة أزمة
 لكن هل يمكن لكل عناصر القوة هذه أن تفعّل نفسها بنفسها، أم أننا نحتاج إلى أكثر من فريق إدارة أزمة بعد أو وصل الحال إلى ما وصل إليه!!.. لذلك أستطيع القول إننا بحاجة إلى حكومة أزمة تعرف كيف تواجه العقوبات، وتستطيع أن تفعّل القطاعات التي نتمتع بمزايا نسبية فيها، ولاسيما الزراعة، وتخفيف الأعباء المفروضة على المزارع ودعمه بكل أشكال الدعم الممكنة التمويلية، كذلك دعم الصناعة ولاسيما النسيجية.. والتخفيف من أعباء الصناعي قدر الإمكان، ومشاركة القطاع الخاص بتحميله مسؤولياته الوطنية تجاه الوطن والمواطن، مع تذكيرنا إياه بأنّ الفضل في كل ما جناه ويجنيه يعود للوطن، وقد جاء الوقت الذي يجب فيه أن يرد لهذا الوطن بعض حقوقه عليه.
 باختصار.. المطلوب حكومة أزمة تضع خطة اقتصادية واجتماعية وطنية استثنائية وطارئة للتعامل مع هذه الظروف الاستثنائية والطارئة.
 أخيراً:
 إننا نعيش واقعاً اقتصادياً ومعاشياً لا يبعث على الاطمئنان، ما يشكل ثغرة يمكن لأعداء الوطن النفاذ منها في محاولة للتأثير على مواقف المواطنين من وطنهم، بالرغم من معرفتنا أنّ مواطننا مستعد للتضحية بالروح في سبيل سورية، لكن علينا ألّا نكافئه على ذلك بزيادة معاناته في الأسعار، وفي الغاز، وفي المازوت، وفي غير ذلك..
 ونختم بالقول:
 - بمثل هكذا إدارة اقتصادية.. أو بمثل هذه الحكومة ستتعمق أزماتنا!!