أزمات معيشية تقيّم أداء الفريق الاقتصادي.. بقلم :إيفلين المصطفى

أزمات معيشية تقيّم أداء الفريق الاقتصادي.. بقلم :إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ١١ يناير ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
يستقبل السوريون عامهم الجديد وأعينهم تترقب الوضع المعيشي والاقتصادي، بعيداً عن توقعات المنجمين والفلكيين الذين يرسمون للبعض من المنصتين لتوقعاتهم مستقبلهم بكلمة ربما تصيب وأحياناً كثيرة ما تخيب وعلى الصعيد الاقتصادي نجد أنّ الحكومة ودعت المواطن بعام مليء بالمفاجآت على صعيد الأسعار حتى إنّ وعودها بتحسين الواقع المعيشي ذهبت أدراج الرياح، وانتهى العام الفائت بتوقعات تترقب رفع أسعار المازوت الذي رغم رفع سعره خلال العام الماضي إلى 80 ليرة لليتر لكنه لم يساهم في حل أزمة عدم توفره، وبقي المازوت كنزاً مفقوداً في بيوت الفقراء من السوريين في حين أنّه كنز متوفر في بيوت المسؤولين والمتنفذين والمحتكرين.
أزمة المازوت دفعت بالحكومة لدق جرس رفع الأسعار مرة أخرى بحجة توحيد السعر وإنهاء التلاعب والفساد ورغم أنّ تصريح الحكومة جاء خفيف الوقع على آذان المواطن إلا أنّ المتابع لسياسات الحكومة يعلم أنّ التصريح حمل بين سطوره قرار رفع السعر إلى ما يقارب 130 ليرة لليتر، وتبقى المفارقة في أنّ ما لا تعلمه الحكومة بأنّ سعر ليتر المازوت وصل إلى حدود 190 ليرة لليتر ومع ذلك لم يتوفر، ورغم السماح للصناعيين باستيراد المادة براً لكن بحسبة بسيطة نجد أنّ البعض من الصناعيين ربما يتحولون لتجار مازوت فأرباح ما يتم جنيه من التجارة بمادة المازوت ربما يفوق ما قد ينتظرون جنيه من إعادة إقلاع معاملهم، وبالتالي فإنّ معادلة الحكومة لمكافحة الفساد عبر رفع الأسعار لم يعد لها أي أثر في ظل نقص المادة أساساً وتوفرها بأيدي قلة من المحتكرين وتجار الأزمات.
وإن كنا بدأنا المقال بالحديث عن أزمة المازوت، فإنّه لابد من الحديث عن سعر صرف الدولار الذي يشهد أسعاراً قياسية في نشرة مصرف سورية المركزي حيث بلغ سعره 182.18 ليرة في حين أنّه تجاوز سعر 212 ليرة في السوق غير النظامية وبنظرة سريعة على أسعار بعض العملات في المصرف المركزي خلال عام 2014 يمكن لأي مهتم ومتابع للشأن الاقتصادي ملاحظة المستوى الاقتصادي للبلد حيث نلاحظ بأنّ الدولار الرسمي "وفق نشرة مصرف سورية المركزي" ابتدأ العام بسعر 143.25 وأنهى العام بسعر 181.43 ليرة أي بارتفاع قدره 26.7 %، أما اليورو الرسمي فقد بدأ العام بسعر 194.76 وأنهى العام بسعر 220.69 ليرة أي بارتفاع قدره 13.3% في حين أنّ الجنيه بدأ العام بسعر 235.36 ليرة وأنهى العام بسعر 282.51 ليرة أي بارتفاع قدره 20% ، بينما بدأ الروبل الروسي الرسمي العام بسعر 4.318 وأنهى العام بسعر  3.209 ليرة أي بانخفاض قدره 34% ، كذلك اليوان الصيني الرسمي بدأ العام بسعر 23.48 وأنهى العام بسعر 29.27 ليرة أي بارتفاع قدره 24.7%.
وفي ذات السياق قامت بعض الوزارات الاقتصادية بعقد ندوات رفعت فيها شعار "بدء تعافي الاقتصاد السوري من أزمته" متجاهلة بأنّ القدرة الشرائية لليرة في أخفض مستوياتها، حتى إنّ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أطلقت حملة لبيع المواطنين سلة غذائية بالتقسيط، ربما تكون مبادرة يراها البعض جيدة على مبدأ الرمد أحسن من العمى لكن برأيي أجدها دليلاً كافياً على عجز الوزارة من حماية المستهلك حقيقةً وخاصة أنّ الأكل بات بالتقسيط فهذا مؤشر على أنّ الوضع المعيشي لم يتحسن وبأنّ فلتان الأسعار وفوضى السوق بلغ ذروته ولم تعد جميع الوسائل والقوانين قادرة على كبح الغلاء الذي استشرى في جميع القطاعات، رغم الوقت الذي تهدره المؤسسات والوزارات المعنية بالوضع الاقتصادي للمواطن لإقرار قانون قادر على ضبط الأسواق ويبقى صوت التاجر يعلو على القوانين بحكم عدم فعالية الضوابط التي تنظمها الوزارة ومن معها في اللجان الاقتصادية.
وهنا لابد من أن نشير للوزارة بأنّ ما صرّحت به عبر وزيرها بأنّها قامت بتخفيض الأسعار مستأثراً بخفض سعر ليتر البنزين 10 ليرات لا يمكن اعتباره إنجازاً وخاصة أنّ الأسعار العالمية للنفط انخفضت بنسبة 50% والسؤال هل يعلم وزير التجارة عبر مديرية الأسعار بأنّ السعر العالمي لليتر البنزين 35.5 سنت أي بدولار 215 يساوي 76.5 ليرة وبأن سعر ليتر الديزل 45.5 سنتاً أي بدولار 215 يساوي 97.5 ليرة المازوت، فهل يمكن اعتبار تخفيض السعر بقيمة 10 ليرات لليتر البنزين و10 ليرات لليتر المازوت للصناعيين إنجازاً علماً أنّ غالبية الصناعيين بينوا بأنّ هذا التخفيض ليس له أثر على كلف الإنتاج وهو تخفيض معدوم الأثر.!!
وإن كان البعض ينتظر وصول المساعدات من الدول الصديقة فعلينا ألا ننسى أنّ الوضع الاقتصادي لتلك الدول بدأ يشهد معاناة نتيجة تأثره بانخفاض أسعار النفط عالمياً ما قد يعوق أو يؤخر حركته، ومن الآن لحين انفراج الأزمة نأمل من الحكومة البحث عن معادلة فعّالة لمكافحة الفساد والابتعاد عن آلية رفع الأسعار لأنّها ستكون باباً جديداً للتجارة والاحتكار على أمل أن تبدأ بتحقيق وعودها للمواطن بتحسين واقعه المعيشي المؤلم.