القيمة المضافة في الإعلام.. بقلم: غسان يوسف

القيمة المضافة في الإعلام.. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٤

هل يحق لنا نحن السوريين أن نتغنى بإعلامنا الوطني بعد حوالي أربع سنوات من الأزمة التي عصفت ببلادنا فأكلت البشر وأحرقت الشجر وأهلكت الحرث والنسل كما يقال؟ وهل كان إعلامنا الوطني منصفاً مع من وقفوا إلى جانب المواطن والدولة كمؤسسة؟ وهل استطاع أن يعكس آلام وجراح من قدموا أولادهم ودماءهم فداء لسورية؟ أسئلة تلاحقك أنى توجهت وأينما حللت، لكن لنكن منصفين مع أنفسنا قبل غيرنا.. أولاً الأزمة فاجأتنا جميعاً ولم يكن أحد مهما علت حاسته السادسة وكبرت تنبؤاته يتوقع أن تكون الهجمة على سورية بهذه القوة وهذه الشراسة، لكن ما وقع وقع والعقل والحكمة تقول الذكي من يتلاءم مع البيئة، ومن هنا فإنّ إعلامنا الوطني مطالب بتقديم الحقيقة للمواطن وليس بتكذيب الآخرين بكشف المخططات وليس بالتعليق على الأكاذيب، الإعلام السوري الوطني هو من يقدم الحقيقة للشعب ومن يصارحه بكل ما يحاك ضده.
ليس من مسؤولية الإعلام الترويج لأحد، أو التمجيد بأحد، أو نتف ريش أحد.. مهمة الإعلام التركيز على الفساد وسوء الإدارة وهدر الأموال والبحث عن حلول ناجعة لوقف الاحتكار والتلاعب بالأسعار والمطالبة بتأمين لقمة العيش لمن لا يملك مصنعاً أو متجراً أو بيتاً أو حتى دراجة!
الإعلام مطالب بإنصاف المواطن البسيط الفقير الذي يستيقظ في الصباح ليروي مزروعاته ويطعم حيواناته ليقدم الخضرة والحليب والخبز إلى الغني والفقير.
الإعلام مطالب بالوقوف إلى جانب الجندي المرابط في الثغور الذي يصد البرد والرصاص بجسده العاري يقدم دمه فداء لوطنه دون مقابل.
أما في المواضيع السياسية فعليه أن يكشف ما يجري في عواصم العالم وأجهزة استخباراتها ومراكز صناعة القرار فيها وما يحاك هناك من مؤامرات ومخططات لغزو بلادنا والنيل منها تقسيماً في الجغرافية ونهباً في الثروات.
لن يفيدنا أحد إذا ما تكلم ساعات على شاشات التلفزيون وهو يستشيط غضباً يسب هذا ويلعن ذاك، فعباراته ولقاؤه كله لن يكون إلا لتعبئة الوقت واستمرار البث لا أكثر.
ما هم المواطن إن أصبح عندنا قنوات فضائية كثيرة وإذاعات لا تعد ولا تحصى في النهاية سيسمع إذاعة واحدة ويشاهد تلفزيوناً واحداً ويقرأ صحيفة واحدة هذا إذا توفر له الوقت ولم تنقطع الكهرباء، وربما ترفع عن كل هذا في حال لم يعجبه ما يقدم فيهجر المحطة ولن يعود إليها أبداً.
جمهور الإعلام اليوم لم يعد ذلك الجمهور الذي يعشق الراديو وينبهر بالتلفزيون ويصعد إلى أعلى السطح ليحرك الانتيل، لقد اختلف الزمن وتغير، كبسة زر واحدة تنقلك من محطة معادية إلى محطة موالية وبالعكس، ما يهم المواطن أن يقدم له الإعلام الحقيقة أولاً، ومن ثم قيمة مضافة لا يحصل عليها إلا منك فتجعله يثق بك يتابعك يلاحقك لا لشيء إلا لأنك قدمت له ما يجيبه على تساؤلات واستفسارات تدور في ذهنه.
الإعلام أصبح في جهازك الصغير في (الموبايل) الذي يغنيك عن التلفزيون والراديو والجريدة ويقول لك أنا هنا.. أنا العالم بين يديك تستطيع أن تعود للبرنامج الذي تريد والنشرة التي تصدق، والحوار الذي تختار!