قراءة في حديث الرئيس الأسد لممثلي الجالية الفلسطينية في اوروبا

قراءة في حديث الرئيس الأسد لممثلي الجالية الفلسطينية في اوروبا

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

 على هامش المؤتمر الثالث للجاليات الذي عقد في دمشق مطلع الشهر الحالي، أصر ممثلو الجالية الفلسطينية في اوروبا على لقاء الرئيس الأسد أولاً لشكره على استضافة سوريا للمؤتمر، وثانيًا للإطمئنان على سوريا وصحتها السياسية ومستقبلها بوصفها الحاضنة العربية الرئيسية للقضية الفلسطينية، والتي دفعت وما زالت تدفع الأثمان الباهظة نتيجةً لهذا الخيار الوطني الذي تخلى عنه غالبية العرب بما في ذلك بعض اهله.
استقبل الرئيس الأسد الوفد بصدرٍ منشرح وعقلٍ نيّر كما هي عادته في لقاء الأصدقاء والحلفاء سيما انه نظر لأعضائه على انهم سفراء لسوريا وللأمة وللقضية المركزية في بلاد الإغتراب.
أراد الرئيس جلاء اي غموض قد يساور البعض حول دور سوريا وموقعها القومي والتزامها القضايا الوطنية والقومية رغم ظلم ذوي القربى، ذكر بأنّ سوريا احتضنت القضية الفلسطينية منذ بداياتها، وأنها كانت وستبقى الصدر الرحب رغم الطعنات التي تلقتها من بعض ناكري الجميل، فهي تنظر للقضية كقضية مقدسة بمعزل عن اخطاء البعض، وأنّ سوريا رغم تباينها في بعض المراحل مع بعض الطروحات والمواقف إلّا أنّ ذلك لم يؤثر على موقفها المبدئي من القضية ولم يتأثر للحظة واحدة وجود ومعيشة الشعب الفلسطيني الذي ظلّ يشعر أنه يعيش في وطنه الثاني.
وعندما انتقل الرئيس لتقييم التجربة المرة مع حماس، عرض كيف كانت سوريا الصدر الرحب لحماس عندما طردها النظام الأردني من عمان، حصل ذلك رغم  إدراكنا لإيديولوجية حماس وانتمائها للأخوان المسلمين الذين تحمل سوريا جروحًا لم تندمل جراء ما فعلوه، لكن الشهامة كانت اقوى من الترسبات ضمن معايير مؤدّاها أنه طالما هناك من يحارب العدو فهو مرحب به في سوريا بصرف النظر عن الأيديولوجيا، وبصرف النظر عن الكلفة التي يمكن أن تُدفع كثمن لهذا الموقف.
أعطيت حماس في سوريا ما لم يعط لسواها من احتضان وتسهيلات، لكن للأسف طغت الأيديولوجيا على النضال، تصرفوا كإخوان مسلمين بدل أن يتصرفوا كقوة مقاومة للعدو بمعزل عن الصراعات في الساحات العربية، سقطوا في مطب الأيديولوجيا، وكذلك سقطوا حيال التعاطي مع الواقع المصري، وعضوا اليد التي امتدت لهم عندما طردهم الآخرون.
قدم الرئيس عرضًا مسهبًا عن المخاطر التي تعرضت لها سوريا جراء وجود حماس على أراضيها، وعرض للتهديدات وتلك التي وجهت اليها من الأميركي ناهيك عن الإسرائيلي، رغم ذلك لم يلن لها موقف وتحملت المخاطر والتبعات، فبماذا بادلتها حماس؟ بادلتها بنقل السلاح للمسلحين الذين يعيثون خرابًا بسوريا، ويدمرون اقتصادها وبناها الإجتماعية والبنى التحتية ويعرضون مجتمعها للتفك وكل ذلك خدمةً للعدو الصهيوني وادواته من الرجعيات العربية والمطامع الإستعمارية القريب منها والبعيد.
شرح الرئيس الأسد كم تحملت سوريا، وكم تساهلت أيضًا عندما جرى اعتقال ابنة خالد مشعل وزوجها وهم يهربون السلاح، وكيف افرج عنهم وتجاوزوا عن هذا التصرف، كذلك كيف تم اعتقال العشرات وهم يقاتلون الجيش السوري وآخرون كانوا يهربون السلاح، وكيف تذرعوا انه جرى ذلك تحت عنوان سلوكيات فردية وليس بقرار القيادة، وبلغ السيل الزبى عندما تجاوز خالد مشعل آداب الضيافة وقواعد البرتوكول ليلتقي بدبلوماسيين في سفاراتهم دون موافقة الدولة السورية لا سيما مع وزراء وسفراء دول يتآمرون على سوريا، وبلغ بهم حد تقديم تقارير مزورة عن الواقع والتجاوز حد الطلب بالسماح بعودة الإخوان المسلمين الذين يعملون على تدمير سوريا والى العبث بالمخيمات الفلسطينية وتحريضها لكي يتحول الصراع الى صراع سوري فلسطيني.
دفعت موضوعية الرئيس الأسد للإعتراف بإيجابية دور منظمة التحرير الفلسطينية وموقف السلطة الوطنية والرئيس الفلسطيني محمود عباس رغم بعض التمايزات في المواقف والتقديرات مقدراً لهذا الموقف، ومقدرًا لموقف الشعب الفلسطيني الذي كان سباقًا في توصيف وإدراك المؤامرة على سوريا لدرجة سبقت تقييم الشعب السوري نفسه.
كان لقاءً لقائد واضح الرؤية، واثق من الموقف والدور والموقع ليطمئنهم الى أنّ سوريا بخير وأنها كسبت معركتها وقناعاتها وموقفها وموقعها وأنّ الحق سينتصر والزبد سيذهب هباءً.