سياسات فن الدبلوماسية والأخلاق معاً.. بقلم: د. فايز الصايغ

سياسات فن الدبلوماسية والأخلاق معاً.. بقلم: د. فايز الصايغ

تحليل وآراء

السبت، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

إنّ استعراضاً سريعاً للمواقف الروسية المسؤولة إزاء استهداف سورية سواء على صعيد مجلس الأمن الدولي أم على صعيد الأداء السياسي والدبلوماسي لروسيا يثبت من جديد وبخاصة بعد كل حملة تشكيك ورهان ومحاولة زعزعة الثقة بين البلدين أنّ روسيا لا تبني مواقفها الاستراتيجية على المصالح الآنية التي تتحكم في بوصلتها تذبذبات الأوضاع في المنطقة ولا على مصالح اقتصادية أو نفطية أو غازية لا تعني البلد الأغنى بهذه الموارد وإنما تعني انسجام السياسة الروسية مع ذاتها ومع أخلاق شعبها أولاً.. ومع ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن ثانياً.
ذلك أنّ روسيا والاتحاد السوفييتي من قبل معني على نحو مسؤول وملتزم بتحقيق أهم الأسباب الموجبة التي تشكلت من خلالها هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي ومن أبرز هذه الأسباب الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين.
الضمانات السياسية لأية اتفاقات أو معاهدات أو أي تعاون سياسي أو ثقافي أو اقتصادي هي الضمانات الأخلاقية المرتبطة أو المستوحاة من أخلاق وقيم ومبادئ الشعوب بغض النظر عمّن يتصرف بها لحسابات استعمارية أو اقتصادية أو مصالح آنية، وعمّن يتصرف بها على نحو أخلاقي مسؤول من شأنه تكريس مبادئ سيادة الدول من جهة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية قسراً أو هيمنة من جهة ثانية، فضلاً عن الاضطلاع بالدور الأممي على نحو أخلاقي أو إنساني أو حضاري..
الروس في سياساتهم عموماً وإزاء الوضع في سورية على وجه الخصوص أثبتوا من جديد كما في ممارساتهم أيام الحرب الباردة أنّهم ضمانة أخلاقية للشعوب التي تعاملت معهم، لا بل كان لهم النصيب الأوفر من توفير مستلزمات نهوض حركات التحرر العالمية ومنها حركة التحرر العربية، هذا الدعم وهذه المساعدة هي التي أسست لمفهوم إنهاء حقبة الاستعمار واستغلال الشعوب وسرقة ثرواتها، وهي التي ساهمت في نهوض الدول التي كانت تعاني إما من الاستعمار المباشر أو من التمييز العنصري البغيض الذي تمثله إسرائيل اليوم على نحو بشع أكثر مما كان عليه الحال في جنوب إفريقيا من قبل..
كل هذا المدخل الطويل يؤدي إلى القول إنّ زيارة السيد وليد المعلم إلى موسكو ولقاءاته رفيعة المستوى مع القيادة الروسية والرئيس بوتين شخصياً كانت زيارة ناجحة بكل المعاني.. والمهام التي تحملها وبكل المقاييس الناظمة لعلاقات الدول التي تحترم بعضها البعض..
ولكل المشككين نقول لا تراهنوا على فشل أي زيارة ولا على المراوحة في العلاقات وإنّما راهنوا على النقلات النوعية التي قد تحدث مستقبلاً سياسياً وعسكرياً إذا ما تعرضت سورية إلى نمط من أنماط التآمر السياسي أياً كان شكله أو أسلوبه أو أسبابه.