السياسة الامريكية تجاه ايران تغيرت واوباما يعتبر ان طهران تحولت الى جزء من الحل والى لاعبة اقليمية مهمة

السياسة الامريكية تجاه ايران تغيرت واوباما يعتبر ان طهران تحولت الى جزء من الحل والى لاعبة اقليمية مهمة

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

جولة المفاوضات النووية الحالية للقوى العظمى مع ايران وصلت كما هو متوقع الى نهايتها من غير تحقيق أي اتفاق أو نقلة نوعية. الطرفان وافقا مع ذلك على الاستمرار في الحديث واستئناف المفاوضات بينهما خلال اسابيع. العقوبات الاقتصادية التي فرضت على ايران بقيت في الوقت الحالي سارية المفعول، لكن الرسالة التي خرجت من قاعة المباحثات للايرانيين وايضا للاسواق الاقتصادية في العالم كانت واضحة: القوى العظمى تريد الحوار، بل وأكثر من ذلك – تريد الاتفاق، وفي نهاية المطاف سيتم تحقيقه. لا أحد يريد المواجهة العسكرية، هذه المواجهة التي شُطبت من برنامج العمل اليومي.
يبدو أن الادارة الامريكية، القوة التي تقود الدول في اتصالاتها مع طهران، تصمم على تحقيق الاتفاق، وهناك من يزعم أن البيت الابيض يفضل “اتفاق سيء على عدم وجود اتفاق”. الموقف الاسرائيلي مناقض تماما حيث تعتبر اسرائيل أن “عدم وجود اتفاق أفضل من اتفاق سيء”.
على مدى العقود الاخيرة استخدمت الادارات الامريكية سياسة “التخفيف” ضد ايران، الامر الذي يعني استخدام الضغط السياسي والاقتصادي بشكل مستمر بل والتهديد باستخدام القوة من اجل وقف امتلاكها للسلاح النووي ووقف العدائية الايرانية في الخليج الفارسي، في العراق وفي منطقتنا. هذه السياسة الامريكية نبعت من ايمان متخذي القرارات في واشنطن بأن ايران تعتبر تهديدا للمصالح الامريكية وليس الاسرائيلية فقط في المنطقة، لذلك ولكونها جزءً من المشكلة يجب العمل ضدها ومحظور اعتبارها شريكة في الجهود لحل مشكلات المنطقة.
ولكن هذه النظرة طرأ عليها تغيير، فقد تحولت ايران في نظر ادارة اوباما الى جزء من الحل، وهي تعتبرها اليوم لاعبا اقليميا مهما سيصعب على الامريكيين من دونه مواجهة ما يعتبرونه المشكلات الحقيقية للولايات المتحدة في المنطقة الموجودة في سوريا والعراق وزيادة قوة داعش في مناطق واسعة في هذه الدول، حيث يستطيع داعش تهديد الولايات المتحدة مثلما كانت حال القاعدة في حينه بقيادة اسامة بن لادن.
ليس غريبا أنه الى جانب المحادثات المعلنة مع ايران فيما يتعلق بالسلاح النووي، فان الولايات المتحدة وعدد من حليفاتها تجري حوارا خفيا وغير مباشرا مع طهران حول إشراكها أو مساهمتها في الجهود الامريكية لاعادة الاستقرار الى المنطقة ومنع صعود جهات اسلامية راديكالية. وبكلمات اخرى، في الاختبار بين التهديد الايراني وبين تهديد داعش اختارت الادارة الامريكية التهديد الثاني. وفي المقابل كان عليها العمل في جبهتين – ضد داعش وكأنه لا يوجد تهديد نووي ايراني، وضد ايران وكأن داعش غير موجود – والاجابة هي أن الامر يفوق قدرة الولايات المتحدة.
إن الفرضية التي تقف من وراء السياسة الجديدة للولايات المتحدة هي أنه لا يمكن وقف تحول ايران الى دولة نووية، وبالكاد يمكن تعويق هذه العملية قليلا مقابل اغراءات اقتصادية وغيرها.
في عام 2003 توقف الايرانيون بمبادرة منهم عن تطوير سلاحهم النووي بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة. كانت ايران مقتنعة في حينه أنها الهدف القادم بالنسبة للامريكيين فقررت عدم المخاطرة. وعند تلاشي هذا الخطر قامت ايران باستئناف السير نحو السلاح النووي، الامر الذي سيوقفه فقط تهديد عسكري حقيقي، وهذا غير موجود.
يستطيع اوباما أن يسجل لنفسه أنه خلال فترة حكمه لم تتحول ايران الى دولة نووية، وفي نفس الوقت منع هجوما عسكريا على ايران، الامر الذي كان سيورط الولايات المتحدة من جديد في وحل الشرق الاوسط، وهذا ما لا تريده بسبب تهديد داعش. ومع نتائج هذه السياسة الموجهة للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني 2016، وليس لليوم الذي يلي ذلك، فان الادارة الجديدة ومعها حلفائها في المنطقة، ستضطر الى مواجهة هذا الامر.