تحديات الإعلام العربي.. بقلم: د.بسام الخالد

تحديات الإعلام العربي.. بقلم: د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

Bassamk3gmail.com
أنتج الإعلام الغربي، المملوك في معظمه لليهود، عبر مجموعات من الكتاب والأدباء تراثاً ضخماً تضمن الكثير من الصور السلبية عن العرب والمسلمين، وهي حتى الآن تؤثر على العقلية الأوروبية، وتدفعها لمعاداة العرب والإسلام، ولا يزال هذا التراث يدرس في المدارس والجامعات الأميركية.
بالمقابل فقد روّج الإعلام الغربي لإسرائيل بصورة ايجابية، من خلال وضعه الطرفين (العربي والصهيوني) بصورة مقارنة، بين صورة سلبية مشوهة عن العرب والإسلام، وبين صورة ايجابية لليهودي الإسرائيلي، ومن أهم سمات الصورتين المتناقضتين للعرب، وإسرائيل ما يلي:
1-    إسرائيل هي الطرف الضعيف في الشرق الأوسط، ومع ذلك فقد استطاعت أن تنتصر على العرب كثيري العدد، وتم الترويج لهذه السمة بشكل واسع عقب نكسة حزيران عام 1967.
2-    الفلسطينيون لم يتم طردهم من أرضهم عام 1948، وإن اليهود قد حثوهم على البقاء، ولكنهم تركوا أرضهم بإرادتهم الحرة!
3-    إسرائيل جعلت الصحراء تزدهر، بينما ترك العرب فلسطين قاحلة!
4-     الصهيونية فلسفة تحررية، تستحق المساعدة من الذين يحبون الحرية في كل العالم.
هاتان الصورتان المتناقضتان للعرب وإسرائيل أنتجتا تأثيرهما على الغرب، بالإضافة إلى ذلك فإنّ المعلومات التي تقدمها هذه الوسائل للمواطن الغربي هي معلومات ناقصة، ويتم حذف المعلومات التي تسيء لإسرائيل، ما يعني حدوث أكبر عملية تضليل إعلامي.
تستخدم وسائل الإعلام الغربية التركيز على بعض الأحداث مع المبالغة في تصويرها، مثل: حادث تفجير مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة، لتكريس مشاعر الخوف والكراهية والعداء ضد العرب والمسلمين.
لذلك فإنّ الصورة الحديثة التي تقدم عن العرب والمسلمين، تجمع بين كل السمات التي تم إنتاجها عبر الفترات التاريخية، وخاصة في عصر الحروب الصليبية، مع إضافة سمات جديدة، أهمها ما أطلقه الغربيون أنفسهم حديثاً، كمصطلحات "الإرهاب والتعصب الديني وتهديد الحضارة الغربية"!
اتسع هذا الأفق الملوث، مع الأسف، ليركز في السنوات الأخيرة على موضوعات جديدة و" توليفات متطورة " أهمها الإرهاب والتطرف والتعصب والجريمة المنظمة، فالخطاب الإعلامي الغربي أصبح يتلذذ في التركيز على التصرفات والسلوكيات التي تصدر من بعض المحسوبين على الإسلام وبعض العرب، والحكم عليها كأنها الإسلام وتعاليم الدين الحنيف.
وكأن المجموعات الإرهابية والأعمال الإجرامية التي تقوم بها هي الإسلام وهي الحضارة الإسلامية وهي السلوك العام الذي يؤمن به المجتمع ويتبناه!
 وإذا كان الإعلام، بتوجهاته الربحية وبحثه عن الغرابة والإثارة في الأعمال الإرهابية وفي المذابح والمجازر التي ترتكب في حق الأبرياء، موجهاً بهذه الصورة فماذا نقول عن العلماء والمنظرين والمفكرين الذين يختزلون ويلخصون الإسلام والمسلمين والعرب في الإرهاب والتطرف؟!
هذه الصور السلبية التي يقدمها النظام الإعلامي الدولي، تمثل إحدى أخطر التحديات التي تواجه الإعلام العربي والإسلامي في العصر الحديث، وإنّ هذا التحدي يفرض على الدول العربية والإسلامية ضرورة العمل لرسم إستراتيجية إعلامية، أو على الأقل خطة لمواجهة هذه الصور وتصحيحها، وذلك ليس من الصعب على أمة، كانت فيما مضى، تنشر الحضارة وتمتلك تراثاً غنياً على مدى عصور طويلة!!