أحلام المواطن الاقتصادية .. بقلم: إيفلين المصطفى

أحلام المواطن الاقتصادية .. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ نوفمبر ٢٠١٤

Evlism86@gmail.com
يوماً إثر يوم تزداد أزمات المواطن المعيشية من أزمة غلاء الأسعار إلى أزمة تأمين المازوت للتدفئة وأزمة المواصلات وأزمة المياه وأزمة الغاز وأزمة الكهرباء ولا نبالغ إن قلنا بأنّ انعكاس هذه الأزمات على حياة المواطن السوري جعلت منه المواطن رقم واحد في العالم القادر على التحمل.
ودون تجاهل الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه الأزمات المعيشية إلا أنّ كلام العم "أبو أحمد" البالغ من العمر 50 عاماً والذي يعيش في حي من أحياء ريف دمشق دفعني للحديث عن هذه الأزمات من جانب الوجع الاجتماعي والحياتي حين أخبرني أنّه لم يكن يتخيل يوماً ما أن يكون حلمه رؤية الكهرباء.. هو اختصار لأحلامه في الحياة
العم "أبو أحمد" لا يرغب بالكهرباء حباً بمشاهدة التلفاز فقد أصابه الملل والإحباط من التلفاز "الصندوق الغبي" وفق توصيفه لكونه يبث تصريحات للمسؤولين دون اعتبار لمرارة الواقع الذي يعيشه المواطن، ولا يطمع برؤية الكهرباء لإشغال مدفأة تقيه برد الشتاء فقد استعاض عن هذه الوسائل بالأغطية السميكة، إنما الغاية من الكهرباء هي الحفاظ على أوقية اللحمة التي اشتراها ليقتات عليها هو وأفراد عائلته، مبيناً أنه لم يعد يشتري مواد غذائية بالكميات المعتادة ليس بسبب غلاء الأسعار فقط، بل أيضاً لسرعة تلفها في الثلاجة" البراد" نتيجة انقطاع الكهرباء موضحاً بأنّ البراد لم يعد نافعاً لأن يكون بمثابة ما يعرف "بالنملية" والتي يتمنى لو أنّه لم يتلفها يوم شرائه البراد في ذاك الوقت.
معاناة العم "أبو أحمد" مع الكهرباء لا تقتصر على ذلك حيث ساهم تكرار انقطاع التيار الكهربائي مرات عدة خلال نصف ساعة بزيادة المعاناة نتيجة تسببه بأعطال جعلت من منزله متحفاً للأدوات الكهربائية المنزلية المعطلة ودفعت به للعودة إلى العصور الحجرية فلم يعد بالإمكان الاستفادة من هذه الأدوات أو حتى التفكير بإعادة إصلاحها نتيجة ارتفاع أجور التصليح والتي تتجاوز دخله المحدود.
حديثي مع العم "أبو أحمد" أعاد لذاكرتي الوضع الذي كانت تعيشه البلد بداية الأزمة قبل خروج الكثير من آبار النفط والغاز عن السيطرة وقبل أن تطال عمليات التخريب خطوط نقل الغاز والمحطات في تلك الفترة عمدت الحكومة إلى قطع الكهرباء وإجراء التقنين حينها بدأ معظم الأشخاص بالبحث عن وسائل بديلة للإنارة فكانت الحلول تعتمد على المولدات الكهربائية والبطاريات والشواحن ولمبات اليد وكان لهذا الأمر أعباء اقتصادية إضافية على جيوب المواطن حيث تحول معظم دخله لشراء هذه الأدوات فضلاً عن البحث عن وقود لتشغيل المولدات الكهربائية وماله من أثر بيئي وما يسببه من ضوضاء في الأحياء التي يفتقد فيها البدر "الكهرباء" عدا عن قيام البعض باستجرار الكهرباء بطريقة غير شرعية مما يزيد الوضع سوءاً، وجميع تلك الحلول لا يمكن أن نلقي اللوم فيها على المواطن فهو من حقه أن يستخدم الكهرباء طالما أنه يدفع فاتورتها من جيبه، لكن السؤال ماذا يفعل أبو أحمد وأمثاله ممن لا طاقة لهم على شراء أدوات للإنارة تعوضهم عن الكهرباء؟ من يعوضهم خسائرهم لوجبتهم اليومية التي أصابها العفن، إنّ أزمة انقطاع الكهرباء لمدة طويلة جعل فاتورة المواطن الاقتصادية كبيرة.
من جانب آخر دفع انقطاع التيار الكهربائي بالمواطن للتقشف على مبدأ "مجبر أخاك لا بطل" ولم يعد مقبولاً أن تقوم الحكومة عبر مسؤوليها ووزرائها بدعوته للتقشف أو تقديم نصائح له عن كيفية مواجهته لتلك الأزمات حيث لم يتبق له سوى الهواء الذي يستنشقه دون محاسبة، من هنا ندعو القائمين على إدارة هذه الأزمات بإيجاد حلول إسعافية تنقذ المواطن من موته اليومي المعلن في وضح النهار وآمل أن تكون الكهرباء متوفرة حين صدور المقال علّ وعسى تبصرها أعين المسؤولين عن لقمة المواطن.