ليس بعيداً من هنا !!.. بقلم: روز سليمان

ليس بعيداً من هنا !!.. بقلم: روز سليمان

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٨ نوفمبر ٢٠١٤

لأننا بلا حياء نتشبّه بالطبيعة، نمزج رغباتنا بها، نريد امتلاك الواقع واللغة والمجتمع والوجود والأشياء في آن واحد. نتبع اللغة فتبدو لنا شيئاً تارةً، وسيلة اتصال تارة ثانية، أو شعاراً لا ينفع تارة ثالثة دون أن تتمكّن من تحويلنا إلى كائن بسيط بلا هموم وأفكار وأوجاع.
نبتعد عنها، نصاب بالضجر، كادت تخنقنا!. لماذا لا نستطيع أن نكتب كما لو أن من واجب اللغة تأمين اتصال كل منا بالآخر بشكل دائم ومستمرّ وفضفاض؟!. نتوقف عن الكتابة، أُصِبنا بالإحباط. نتيقن من الخديعة الحاصلة بعد أن اعتقدنا مخطئين أنها تناقضنا. الواقع ليس بعيداً من هنا، نحن الذين لحقنا الملل، ركضنا خلف الاجتماعي المخدوع ببعضه. حبستنا اللغة ومثّلت علينا قصة خديعتنا الأولى في حكايا الأولين. لم نصدّق أننا لسنا مذنبين فملأنا الخطأ أكثر. لم نحاول مرة الدخول إلى أشيائنا، ذهبنا إلى ما يبرق منها وأضعنا أعمارنا في البحث عن واقع يلائمنا، يمتعنا، يُشبع رغباتنا، يجعلنا أفضل من غيرنا، كانت اللغة دوماً شمّاعة التصويب، نسخر بها، نضحك، نحزن، نصحّح ونخطئ بها أكثر. لم ندرك مرةً أنها لم تكن تفعل شيئاً بنا إلا حبْسنا. بقينا في الاجتماعي لقطاء التجربة التي لم ولن تنتهي. وبالتجريب نطمح الحصول على واقع أفضل. تمثيلية مفرطة في سذاجتها، طالما أنّ أياً منا لا يريد أن يصدّق أنّ الواقع ليس بعيداً من هنا. يفيض بيننا، يصهرنا على هواه. فمتى سيأتي سحرة ليفكّوا لغز نومنا، يحررونا من كياناتنا الجامدة. نشبه في نومنا تلك "الجميلة النائمة" التي لم تكن مرّة سوى شيء نائم في الغابة رغم كل جمالها!!. فهل سنضجر من ألعاب اللغة والشك والتشبّه بالطبيعة حتى وإن بقينا كل عمرنا نبحث عن واقع لم يخرج مرة من غابة نحن نيامٌ فيها؟!