“الجزيرة” . . إعلام التخريب يحتفل بسن الرشد .. 18 عاماً وماذا بعد؟

“الجزيرة” . . إعلام التخريب يحتفل بسن الرشد .. 18 عاماً وماذا بعد؟

تحليل وآراء

الجمعة، ٧ نوفمبر ٢٠١٤

قناة "الجزيرة" احتفلت ببلوغها سن الرشد بتخطيها ال "18 عاماً"، فلماذا لم تبلغ الرشد بعد وما زالت تصر على العيش في سنين الجهل والتجاهل؟ يوم ولدت كانت طفلة مختلفة، أعجبت المشاهد العربي لأنها قدمت إعلاماً إخبارياً كان يبحث عنه الناس . وبعد أن أخذت مكانها في الفضاء العربي، وأصبح لها جمهورها، كشرت عن أنيابها وأظهرت الوجه الحقيقي الذي كانت تخفيه طوال الوقت تحت قناع "الرأي والرأي الآخر" .
تلك التي بدت وسيلة إعلامية متطورة، تبدلت أحوالها فجأة فأصابت الجمهور العربي بالذهول في البداية قبل أن يستوعب أنه كان ضحية "خدعة إعلامية" . كأنها نصبت فخاً له، بل كأنها طبخت "الطعم" في بلاد الغرب وبتركيبة تضمن جذب أكبر عدد من الناس، ونقلت الوصفة إلى مطبخها لتقوم كل يوم بوضع الطّعم في الصنارة واصطياد المشاهدين . الصيد كان وفيراً، لذا بدأت "الجزيرة" بالتخلي عن الطّعم وأسلوب الصيد، لتنتقل إلى تطبيق المخطط "الأصلي" علانية، وغسل أدمغة من وقعوا في شبكتها، وتحويل الشاشة من وسيلة إعلامية إلى معمل لحقن السم في النفوس والعقول، والتحريض على القتل، والدعوة إلى "الثورات"، وإثارة كل أشكال النعرات الطائفية والإثنية .
التحريض وحده لم يكن كافياً كي تحقق تلك القناة مآربها، فذهبت إلى دعم الكلام المسموم بتزوير المشاهد والصور ومقاطع الفيديو . . كل تلك الفبركات يلزمها بالطبع وجود أفواه تطلق الرصاص على المشاهدين وعقولهم مباشرة من داخل استديوهات "الجزيرة"، وأخرى تتم استضافتها بالاتصال الهاتفي، وفئة تدّعي أنها "الجمهور" فتقول ما يفطر القلب كي يصدقها المشاهد البسيط، والمشاهد المتطرف المتعصب، فتزداد النيران اشتعالاً داخل المجتمعات، ويتفرق الإخوة والأصحاب والجيران، ثم تكتمل كل أركان "إشعال الحروب الداخلية" التي تتجسد فعلياً على الأرض . كانت رائدة في ابتكار "حوار الأحذية" و"حوار الشتائم" و"الصراخ المستفز" على الهواء، وللأسف لحق بها الآخرون . وكانت رائدة في دعم الإرهاب والإرهابيين، وأول من يبث الشرائط المصورة التي يرسلونها إلى العالم . كل هذا ضع قبله "كانت" و"ما زالت" .
وبعد، هل نسأل كيف، ومن أشعل الفتيل ليقتل الوطن العربي؟ هل نحتاج إلى إحياء أرشيف "الجزيرة" كي ترى حقيقتها؟ طبعاً لا، فهي، أو بالأحرى من يقفون وراءها يدركون ماذا يفعلون، وها هم يؤكدون أن "الجزيرة لن تحيد عن خطها"، أي أنهم يضربون عرض الحائط بكل الاحتجاجات والانتقادات، ليستمروا في تنفيذ مخطط خبيث .
يعلمون ماذا يفعلون ويصرّون على الاستمرار فيه . لو أرادوا العدول عن مخططهم لفعلوا . أي وسيلة إعلامية تتحرى ردود أفعال الجمهور، تسعى إلى إرضائه، فهو معيار نجاحها وفشلها، وهو المرآة الحقيقية لصورتها وأفكارها . من خلاله وصلت "الجزيرة" يوماً ما إلى القمة، ثم انفض عنها فانحدرت إلى القاع، سواء شاءت أن تعترف بذلك أم لا . وهناك مؤشرات تدل المشاهد وأي عاقل على أهداف هذه الوسيلة من وجودها وسط الشاشات العربية، وأهمها: تجاهلها لهذا الكم الهائل من الانتقادات التي يتناقلها الجمهور العربي من الدول كافة، وكم الغضب والاحتجاجات على افتراءاتها وأكاذيبها التي لا يتوانى المشاهد عن قولها مباشرة على الهواء، واستغلال البث المباشر لقول الحقيقة في وجه مذيعيها . كل ما ينشره الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكل ما يقوله أهل الإعلام في العالم العربي والأكاديميون والمحللون، لا يعني لأهل "الجزيرة" شيئاً، ولا يستوقفهم للحظات من أجل العدول وتحويل المسار . فهل هناك من شك بعد في أنها ليست وسيلة إعلامية، بل وسيلة لتنفيذ خطة سياسية، أياً كان الثمن وأياً كانت ردود الأفعال؟
القناة لا تسمع إلا نفسها لأنها تريد أن تفرض مخططها ليتحقق فعلياً على الأرض . كيف لها وللإعلاميين فيها ألا يخجلوا من شرائط الفيديو والمقتطفات المأخوذة عن القناة نفسها، التي تؤكد كل عيوبها وتضعها أكثر فأكثر تحت مجهر التساؤلات عن أسباب وجودها؟ كيف لهم أن يصموا آذانهم ويسكتوا ضمائرهم من أجل تنفيذ خطة تفتيت العالم العربي وزيادة الشروخ بين المجتمعات وإضعاف الجيوش العربية والتشكيك فيها وبقدراتها وحتى بشهدائها؟ لمصلحة من يتم تحريضنا على قتل أبنائنا وتجريد جيوشنا من هيبتها وأسلحتها وصلاحياتها؟
من باب التحريض على الفتن وإشعال فتيل الحرب الداخلية، انتقلت القناة ليكون تدخّل "الجزيرة في مصر مباشر"، ثم إلى أين وصلت؟ إلى إغلاق مكتبها نهائياً، وهنا دعونا نسأل: ماذا فعلت، وكيف تواكب "الجزيرة" كقناة عربية الأحداث المؤلمة وما يصيب الشعوب العربية؟ ماذا تفعل وماذا تقدم للشعب العراقي، وللشعب السوري، واليمني، والتونسي، والليبي، واللبناني والمصري؟ أي رصاص تطلق من شاشتها لتقتل الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية في كل بلد؟ كم من المؤسسات والأفراد اشتكوا ووصل بهم الأمر إلى رفع دعاوى قضائية ضد القناة بسبب الكذب وتلفيق الأخبار وادعاء ما لم يحصل؟ وكم من خارج من قفصها ينشر حقائق ما عاشه في "مطبخ الجزيرة" وما رآه بعينيه؟
وبعد، لا يمكن الذهاب أبعد من ذلك، فالخط الأحمر الذي لمسته تلك القناة، هو تجاهلها لكل الآراء والأصوات والحقائق، ومواصلتها السير في خط بلا عودة، لتثبت في عيدها ال 18 أنها "بلغت سن الراشد" لكنها تتعمد تجاهل كل الآراء والأصوات، وهي تدرك ماذا تفعل وتصر عليه حتى النهاية .