من حكايات التهجير..بقلم: د. اسكندر لوقــا

من حكايات التهجير..بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ١٩ أكتوبر ٢٠١٤

يصعب على المرء أن يحصي حكايات قديمة وردت في كتب التاريخ أو أنها لاتزال عالقة في الأذهان عن تهجير الناس من بيوتهم وأراضيهم وأعمالهم وسوى ذلك طمعاً فيما كانوا يملكونه بعرق الجبين وعبر عقود من الزمن. وكما الأمس نقرأ حالياً بين وقت وآخر، نقرأ عن هجرة هذه الجماعة أو تلك من بيوتها وأراضيها قهراً وتحت التهديد أيضاً طمعاً يما يملكون.
في السياق المتصل نقرأ – على سبيل المثال – عن إقدام السلطات البريطانية في عام 1934 على طرد أكثر من 500 أسرة آشورية من العراق بتهمة مشاركتهم في الحركات المناوئة للانتداب البريطاني في العراق. وبطبيعة الحال لم يكن أمام المهجرين قسراً سوى اللجوء إلى سورية كونها البلد الأقرب إلى العراق. ولكن قبل أن يستقروا في سورية كان عليهم أن يحصلوا على موافقة السلطات الفرنسية التي سمحت لهم بسكنى المناطق الشمالية الشرقية المتاخمة للحدود مع العراق فقط. ولا أحد يدري إذا كان أحد هؤلاء المهجرين يفكر بأن يوماً سيأتي حاملاً إليهم نبأ تهجيرهم من تلك المناطق مرة ثانية أم لا، ولكن مع ذلك فإنّ ما لم يكن وارداً في بالهم حدث في سياق الهجمات التي تعرضوا لها في الزمن الحديث، زمن التآمر على سورية على النحو الذي نراه اليوم.
هذه الحادثة، لابد أن تذكرنا بحوادث مماثلة، بينها على سبيل المثال لا الحصر، تهجير الأرمن في عام 1915وتهجير سكان لواء الإسكندرونة من بيوتهم وأراضيهم وأعمالهم في عام 1939، كذلك تهجير العرب الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم وأعمالهم في عام 1948، وصولاً إلى الهجمة الجديدة على سورية التي دفعت بملايين السوريين كي يتركوا بيوتهم وأراضيهم وأعمالهم تجنباً لوقوعهم في أيدي الدواعش وسواهم من عصابات السرقة والقتل والاغتصاب، وباتوا الآن يترقبون ساعة تحرير البلاد من المعتدين الهمج ليعودوا آمنين إلى بيوتهم وأراضيهم وأعمالهم.
هذا فضلاً عن الهجرة الطوعية التي أفرغت بلادنا من عدد لا يستهان به من أصحاب الكفاءات العلمية والثقافية والفنية، بحثاً عن أرض لا تسقط عليها الصواريخ أو قذائف الهاون عشوائياً فتقتل الأبرياء أو تسبب لهم الجراح والعاهات المستدامة وسوى ذلك من تبعات العدوان على بلدنا، وأيضاً بحثاً عن سماء صافية شمسها دافئة في النهار وليلها مضاء بضوء القمر.
إنّ سورية المستقرة منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت مثلاً بين الدول العربية وخصوصاً بين بعض دول الجوار التي يصر قادتها على استعادة الماضي الذي ضيعوه، ولا يزالون يحلمون باستعادته.
ولكن قراءة تاريخ سورية الحديث، لا بد أن توضح لأعدائها عرباً وأجانب على حد سواء بأنّ ماضي الاستعمار قد مضى وبأنّ سورية اليوم كما كانت أيام هزم الاستعمار قادرة على هزم أتباعه وعملائه إن عاجلاً أو آجلاً.
iskandarlouka@yahoo.com