“تحالف الدواعش” محكوم بالفشل

“تحالف الدواعش” محكوم بالفشل

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٥ أكتوبر ٢٠١٤

في الخامس عشر من أيلول سقطت أولى صواريخ الطائرات الأميركية على موقع لـ”داعش” قرب بغداد، معلنةً نشوء تحالف “دولي” لضرب التنظيم الإرهابي في سورية والعراق، لكن هذا التحالف العجائبي الغرائبي الذي تقوده وتسيّره أميركا، يضم في عضويته أبرز داعمي الإرهاب في المنطقة والعالم، وعلى رأسهم “مملكة الرمال” وحكومة الإجرام في تركيا، ما يكشف أن هدف التحالف الرخو”، إلحاق الهزيمة بـ “داعش”، محكوم بالفشل بسبب اختلاف أهداف الدول المنضوية فيه، من جهة، وصعوبة أن تقاتل أمريكا وحلفاؤها ما أوجدته، من جهة أخرى.
40 دولة مشاركة في “تحالف الدواعش”، بحسب التصريحات الأميركية، نشرت أسماء 25 منها فقط، لكن الوقائع أظهرت خلافات حادة بين أعضائه، حيث لم يتمكن وزير الخارجية الأميركي من استقطاب كل الأطراف التي شاركت في الاجتماع، ورغم ذلك، لم تنتظر واشنطن اكتمال عقد تحالفها، بل بدأت غاراتها الجوية “بمن حضر” من الدول التابعة، واستخدمت أحدث الطائرات وصواريخ توماهوك، وبلغت كلفة عمليات اليوم الأول 79 مليون دولار، أي أكثر بنحو 5 ملايين دولار مما كلف الهند إرسال مركبة ناجحة إلى المريخ، الأمر الذي يكشف أن الإنفاق العسكري هو أحد أهداف الحملة الجوية الأمريكية، إضافة إلى جانب استمرار الإشراف على نفط الشرق الأوسط، وإعادة تنظيم الإرهاب بما يخدم السياسة الأميركية، وامتداداتها الإسرائيلية والسعودية والتركية.
وأتت تباعاً تصريحات الدول الغربية حول طبيعة مشاركتها “الخجولة” في الحلف، فأعلنت أستراليا أنها مخوّلة بتقديم دعم إنساني وعسكري بمعدات وأسلحة دون جنود، وحذت حذوها ألمانيا وكندا، ووو…. ما يؤكد عدم حماسة “حلفاء واشنطن الغربيين” في القضاء على “داعش”، لأن هذه الدول مرغمة على المشاركة، كون العنوان العريض للحلف هو “محاربة الإرهاب”، وكونها باتت تعيش “فوبيا” عودة مواطنيها ممن التحقوا بـ”داعش” إلى بلادهم.
أما الأنظمة الديكتاتورية في السعودية والبحرين والإمارات وقطر، والتي عملت على مدار أربع سنوات على تمويل ودعم الإرهابيين، الذين كانت تحلم أن تستخدمهم كدمى، فيبدو أنها تسعى إلى التنصل من مسؤوليتها المباشرة عن تمدد الإرهاب وانتشاره في المنطقة، لكنها في الوقت ذاته لم تقم بأي إجراء داخلي لمنع المقاتلين أو الحد من تمويلهم، أو تحويل الخطاب الديني للكثير من المشايخ، الذين شكلت خطبهم محرّضاً لكثير من الشباب للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في سورية، على اختلاف مسمياتها.
وبالتوازي مع ذلك بقي هدف إسقاط الدولة السورية في مقدمة أولويات داعمي الإرهاب، وعلى رأسهم تركيا أردوغان، والتي دعمت “داعش” وأباحت لمسلحيه ما يحتاجونه من سلاح وذخيرة ومؤن ومعسكرات تدريب، إذ لم تشارك في الحلف، وتفاوض واشنطن حتى اليوم على مشاركتها مقابل فرض “منطقة عازلة” تنفذها دول الحلف، في محاولة لتكسب بالنقاط ما خسرته في كل الجولات السابقة، الأمر الذي يؤكد أن محاربة الإرهاب ليست في أجندة أردوغان، والذي أصيب بجنون العظمة، بل يريد أن تقع كل سورية في يده، لكنه ينسى أو يتناسى، بغبائه، أن سورية العربية لن تكون ولاية عثمانية ذليلة خانعة، وأن عصر السلاطين العثمانيين دفنته أحداث الماضي إلى غير رجعة، وأن احتضان التنظيمات الإرهابية لن يجر عليه سوى المزيد من الخيبة والفشل.
مواجهة تنظيم “داعش”، والتنظيمات الإرهابية على مختلف مسمياتها، بشكل فعال تقتضي: مواجهة الفكر الوهابي الظلامي السعودي، والذي يمثل أصل التطرف الديني في العالم الإسلامي والعربي، وإعلان الحرب على التحالف الشيطاني السعودي التركي القطري، الذي انبثق من رحمه تنظيم “داعش”، وتفادي المعايير المزدوجة، التي تميّز بين الإرهابيين وتقسّمهم، والالتزام بشكل كامل بمعايير القانون الدولي ومبادئه وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وأي استراتيجية تقوّض تلك المطالب سيكون مصيرها الفشل لا محالة.