«داعش»... إلى الهزيمة در

«داعش»... إلى الهزيمة در

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٠ سبتمبر ٢٠١٤

كل المؤشرات تقود الى الهزيمة. واشنطن تسير بنفسها، وبمن تيسر من حلفائها، نحو صدام مع «الخليفة» أبو بكر البغدادي، وهي لا تملك ما يلزم من أدوات تحقيق نصر حاسم في حربها المعلنة.
حلفاؤها مشتتون، ولا تجمعهم كلمة سواء. اردوغان يتلاعب بالمشهد الاقليمي كيفما اقتضت مصالحه الشخصية. يدعي القلق من «داعش»، وحدوده مفتوحة لـ«الجهاد التكفيري» من أقصى الارض، الى سوريا والعراق. قلبه يتراقص طربا بما يراه مدا اسلاميا، من المغرب وصولا الى أفغانستان. كلمة «الخليفة» لا تقض مضجعه، وإنما تستهويه.
السعوديون الذين حذّر ملكهم عبدالله من خطر وشيك على أوروبا واميركا، كانوا قد استمهلوا انتشار الخطر «الداعشي» حتى آذار الماضي ليدرجوا التنظيم، المشتبه بولادته وتمويله وفكره خليجيا، على لائحتهم للارهاب عندما كان رئيس استخباراتهم وقتها بندر بن سلطان، لا يزال يصول ويجول، متباهيا بتمويل التنظيمات «الجهادية» على تلويناتها في حرب الخراب على سوريا. اما الكثير من أفكار «الخليفة» اللغز، وممارسات اتباعه، فستجد لها جذوراًَضاربة في العمق في مشارب العديد من منتحلي صفة رجال الدين الخارجين من المدارس الوهابية.
تركيا والسعودية، ركنان اساسيان في حرب اوباما المعلنة. تحضران اجتماع جدة الخميس باعتبارهما من الحلفاء، ومن الجوار، ومن الممولين او المساندين كقواعد خلفية للمواجهة الآتية. لكنهما بكل هذا الالتباس، كما حلفاء آخرين كالأردن المنخرطة في إيواء معسكرات تدريب وتأهيل للمسلحين، أو إسرائيل التي توفر حماية خلفية واسناد معنوي لـ«الجهاديين الجدد»، أو قطر التي تعمل صنيعتها «جبهة النصرة» على تحسين مواقعها القتالية حاليا، لا يمكن أن يجلبوا نصرا مؤزرا.
ألا يجوز التساؤل بحق عما إذا كان المطلوب فعلاً «نصراً» كهذا؟ ويصير السؤال أكثر إلحاحاً لأن واشنطن هي الأخرى، عرابة هذا التحالف الدولي ـ الاقليمي، خاضت تجربتي «حرب على الإرهاب» خلال الأعوام العشرة الماضية، في أفغانستان والعراق، وكانت حصيلتهما وفق الأهداف المعلنة لهما، فشلا مدويا. لم يكن إلحاق الهزيمة الماحقة مطلوبا أبدا. وبأحسن الأحوال، لم يكن ممكنا.
إن التدخل العسكري الأميركي ساهم في إعادة سيطرة طالبان تدريجيا على أفغانستان، بل تمددها الى باكستان، والتمترس على حدود البلدين في قواعد جبلية حصينة في وزيرستان. أما في العراق، فقد ساهمت الحرب ذاتها على «الإرهاب» بنتائج عكسية تماماً. وفرت السياسة الأميركية كل الأسباب المسهلة لنشوء ظاهرة إرهاب لم يعرفها العراق والمنطقة، في تاريخهما، سواء من خلال تدمير الجيش العراقي وأجهزته الأمنية، أو في عسف الاحتلال بحق العراقيين والذي لا يمكن أن يكون منصفا.
لا تستقيم حرب مشوهة الأهداف أو تحقق مراميها بمثل هذا العراب ومثل هؤلاء الحلفاء. ما سيعلنه أوباما فجر غد، ليس أكثر من تضليل أعلامي جديد. تارة باسم «11 ايلول» أو الإرهاب والحلفاء السنة والعشائر أو المعارضة السورية «المعتدلة». جل ما يتمناه الأميركيون، اندحار «داعش» عراقياً... نحو سوريا، ليكتمل الخراب خرابا. بيان وزراء الخارجية العرب بعد اجتماعهم في القاهرة قبل أيام، لا يعكس قلقا على الخطر المحدق بسوريا. تتطابق الأمنيات مع رغبات «العراب». دمشق تخوض الحرب الأشرس مع «الجهاديين الجدد» ويراد لها أن تبقى في حربها هذه.
واشنطن ستربح بالتأكيد ـ ولو انكسرت أهدافها المعلنة او انهزمت ـ على ما تبقى من دمنا ولحمنا. لكن أفضل ما سيكون بالنسبة اليها، ادعاء نصر ما، أو ما تيسر منه.