جميل!!.. بقلم: روز سليمان

جميل!!.. بقلم: روز سليمان

تحليل وآراء

الخميس، ٢١ أغسطس ٢٠١٤

فلئن كانت قدرة الجسد توجّه سلفاً تجاربنا، ليس فحسب لكونه "شخصيّاً" بالمطلق، يقطع بجدّة تطوّره الزمني آلية الإدراك اليومي. استهدافٌ غير معلن للجمال في قرار الخلق!. موتوا. انجوا كيفما شئتم!!. قد نقع في كليهما، إلا أنّه ليس بالضرورة أن نبقى "جميلين"!. فكرة الخصوبة تلاحقنا، تقتل الجمال والتجربة فينا!.
كيف يمكن أن يكون الجسد "جميلاً" وكيف يمكن له أن يكون "مغرياً"؟.بين الجمال والإغراء ثمّة حصانة في غروره. التودّد إلى الجمال  في عرف الأجساد "فضيلة"، والتقرّب من الإغراء "تجربة".. من ينجو؟ وما الذي يبقى من أجل أن تكون النجاة بطولة؟!. الأجساد التي تنجو تموت، يلتهم بعضها بعضاً. والأجساد التي تغرق تغوص وتبقى في إغراء البحث، جميلة!. الافتراض المأثور حول الجسد باعتباره محصّناً والافتراض المركّز على اعتباره عقيدة لا تقبل التكذيب؛ لا يصحّ كل الصحّة إلا في حدود معارضته لموقف مسبق لا يقضي له بتعريف الجمال إلا بما يتطابق معه. غرور الجسد لا يفضي بتعريف واضح للجمال إلا بما يتطابق مئة بالمئة مع توجّه التجربة البشرية بدءاً من الخلق وانتهاء بالخصوبة. عندما يأتي أحدهم ليعرّف الجمال بوصفه "انسجاماً بين الشكل والمضمون"، ينحصر مباشرة الشكل المتجدّد له في القيام بوظيفة جديدة, وربما تكون ثانوية في بعض الحالات: مهمّة التعبير عن "مضمون ذي وجود سابق" وهذا بحدّ ذاته يتنافى مع صفة الغرور في الحصانة. فالشكل المتجدّد للجسد لا يظهر زمنياً فقط لتعويض شكل قديم استنفذ قيمته وطاقته وحيويته ومعاييره الجمالية، بل يمكنه أيضاً إتاحة إدراك مختلف للأشياء الجميلة حوله بتمثيله لمضامين تجارب تعلن عن نفسها من خلاله قبل أن تنخرط في الواقع. يأتي الإدراك المختلف، مع تقدّم الجسد زمنياً في تجدّده ضمن إطار كلاسيكي على شكل تجاعيد وتعب وترهّل وأسود تحت العينين مثلاً، في فهم المعنى المضمر لماهيّة الزمن، تشريح الجسد بنيوياً ونسفه شكلانياً, وإتاحة الفرصة أمام تأمل أخلاقي يحرّض على ضرورة رسم ملامح أخلاقية جديدة تنسف الحصانة في مجتمع يقولب الجسد على هيئة عمرية, ويتجاهل أنّ من حقّ كل جسد مهما كان أن يكون مغروراً ومن حقّه أن يبقى جميلاً أيضاً!.