بين القرآن والإنجيل.. بقلم: فادي برهان

بين القرآن والإنجيل.. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٩ أغسطس ٢٠١٤

القواسم ُ المشتركة ُ بين الإسلام والمسيحية أكبر من أن ُتحصى أو ُتعد , فمصدر الديانتين المقدستين سماوي ٌواحد ٌ لا خلاف فيه , وهناكَ  شمائل وصفات دينية أخلاقية معروفة تجمعهما تسمى : (الوصايا العشر) .
 وإذا أردنا أن نبحث في هذا المضمار ونسلّط الضوء على ما يجمع لا ما يفرق ، لوجدنا الكثير من المفاهيم والمواضيع التي يمكن اعتمادها كأسس ٍ للحوار السليم الذي يضمن التقريب بين الديانتين مع حفظ الخصوصيات , وخاصة ً أنّنا نعيش زمن التشرذم والفتنة الذي تحاول فيه قوى الشر أنْ تبتعد عن كل عوامل التقريب على كثرتها , وتروّج لبؤر ومواقع الفتنة  والفرقة بالرغم من قلّتها أو عدمها .
فلو اطلعنا على بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن السيدة مريم وابنها المسيح (ع) لوجدنا أن القرآن الكريم ذكر قصتهما وأثنى عليهما حيث قال في محكم تنزيله : ( وإذ قالت الملائكة ُ يا مريم إن الله اصطفاك ِ وطهرك ِ واصطفاك ِ على نساء العالمين , يا مريم اقنتي لربك ِ واسجدي واركعي مع الراكعين )1
ووصف المسيح (ع) في ذات الآيات أنه كلمة ٌ من الله ووجيه ٌ في الدنيا والآخرة ومن المقربين والصالحين فقال : (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشّرك بكلمة ٍمنه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين )2
وفي سورة ٍ أخرى وصفه بأنّه رسول الله و كلمة ٌ وروح ٌ منه : ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح ٌ منه )3
ووصف السيدة مريم (ع) بأنّها صدّيقة : (ما المسيح ابن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة )4
ومن القانتين: (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين )5
كما وصف في سورة مريم معجزة ميلاد السيد المسيح (ع) ووصفه أيضاً بأنّه غلام ٌ زكي ٌ و آية ٌ ورحمة : ( قالَ إنما أنا رسولُ ربِك لأهَبَ لك غلاماً زكيا , قالت أنّى يكونُ لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغيا , قال كذلك قال ربك هو علي هينٌ ولنجعله آية ً للناس ورحمة ً منا وكان أمراً مقضيا )6
ووصفه أيضاً بلسانه أنّه نبي ٌ مبارك ٌ أينما كان : (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا )7
ووصف النصارى بأنهم أكثر الناس مودة ً وحباً وسلاماً لأنّهم لا يستكبرون عن سماع الحق ويؤمنون بما أنزل الله من التشريعات والتعاليم وقد أثابهم الله جنات ٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها: (لتجدنَّ أشد الناس عداوة ً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا,  ولتجدنَّ أقربهم مودة ً للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسّيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون, وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين, وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات ٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين )8
وتؤكد الحقائق أن هناك الكثير من التشابه أو ربما التطابق بين آيات القرآن وآيات الإنجيل من ناحية المعنى والمفهوم وفي كثير من الأحيان من حيث اللفظ، ففي القرآن الكريم على سبيل المثال:  (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم, ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين, يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون, وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون, ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون, وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون, وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون, الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون, أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين, مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون, صم بكم عمي فهم لا يرجعون, أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين, يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير)9
يقابلها في الإنجيل: (وإنما أكلمهم بالأمثال لأنهم ينظرون ولا يبصرون, ولأنهم يسمعون ولا يسمعون ولا هم يفهمون, وفيهم تتم نبوءة أشعيا حيث قال: تسمعون سماعاً ولا تفهمون وتنظرون نظراً ولا تبصرون, فقد غلظ قلب هذا الشعب وأصموا آذانهم وأغمضوا عيونهم, لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا.. أفأشفيهم ؟ )10
.............................................................................................
1 سورة آل عمران ، الآية 42 و43
2 سورة آل عمران ، الآية 45 و46
3 سورة النساء ، الآية 171
4 سورة المائدة ، الآية 75
5 سورة التحريم ، الآية 12
6 سورة مريم ، الآية 19 و20 و21
7 سورة مريم ، الآية 30 و31
8 سورة المائدة ، الآية 82 و 83 و84 و85
9 سورة البقرة ، الآية من 7 وحتى 20
10 إنجيل متى : 13 /13 وإنجيل مرقس 4: 10_ 12 و    
     إنجيل لوقا  8 : 9،10