بالحقائق ، هذا ما أعدته المقاومة ،،، فانتصرت ، ونتن ياهو سيلحق بإولمرت‎

بالحقائق ، هذا ما أعدته المقاومة ،،، فانتصرت ، ونتن ياهو سيلحق بإولمرت‎

تحليل وآراء

الخميس، ٧ أغسطس ٢٠١٤

بنيامين نتانياهو ، رئيس الوزراء الحالي للعدو ، إنضم إلى صفوف جيش الإحتلال ، وخدم كجنديًا وضابطًا في وحدة الكوماندوس الخاصة التابعة لإستخبارات القيادة العامة في جيش العدو . إضافة إلى مصرع شقيقه في عملية تحرير رهائن صهاينة في عنتيبي بأوغندا ، وإنتمائه شخصيّاً “لمدرسة الكوماندوس” في إيجاد الحلول الميدانية ، وفشله شخصيّاً في عملية أنصارية ، وفي هجومه على غزة هذه الأيام … يبدو أن نتن ياهو سيكون مضطراً لإيجاد طبيب نفسي جديد ليتولى علاجه بعد إنتحار طبيبه الأول ، وإلى إنهاء تاريخه السياسي والأمني إلى الأبد إذا ما تعرض لتحقيق جدي كما حصل مع سلفه ” أولمرت” عقب حرب تموز 2006 . في ليلة 4/5 من أيلول عام 1997 ، وللتذكير كان نتن ياهو رئيساً للوزراء حينها ، قُتل 12 جندياً صهيونياً ، من أفراد وحدة الكوماندوس البحري الصهيوني “شييطت 13″ كانوا ينفذون عملية اطلق عليها جيش العدو “أغنية الصفصاف” في كمين محكم لمقاومي حزب الله في بلدة أنصارية . جيش الاحتلال أكد حينها ، أن الكمين كان “صدفة” ، متجاهلاً الكثير من الوقائع التي شابت العملية ، وتؤكّد أن كمين الحزب لم يكن صدفة أبداً ، ولكن التفكير بأي إحتمال آخر سيشكل كارثة يصعب إحتمالها ، كإختراق حزب الله للخلية الضيقة التي إتخذت القرار بالعملية مثلاً . وأستمرت دوامة التخمينات والتقديرات الصهيونية حول أسباب الفشل الذريع بالعملية حتى آب 2010 ، عندما أعلن السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحفي الشهير مفاجأة تقنية وأمنية من العيار الثقيل . لقد أكد ، بالصوت والصورة في هذا المؤتمر ، بان المقاومة الاسلامية تمكنت من إخترق شفرة بث الصور من الطائرات بدون طيار التي كان يسيرها العدو الصهيوني فوق الأراضي اللبنانية ، وأنها كانت تحصل على الصور التي كانت ترسلها هذه الطائرات ، تماماً كغرفة العمليات تلك الموجودة في كيان العدو ، وأن حزب الله كان على علم بموعد وهدف العملية ، وبمكان انزال الكومندوس ، وان الامر لم يكن صدفة . لم يكن حزب الله بحاجة إلى دبابات وطائرات ومدفعية … لسحق هذا التسلل الصهيوني ، بعد حصوله على معلومات تؤكد نية العدو القيام بإنزال في هذه النقطة ، بل يكفي أن يفخخ المنطقة بعدد من العبوات الناسفة ، ويجهز عدد من الرجال مسلحين ببنادق رشاشة بسيطة للتأكد من “تصفية” عناصر العدو ، وهذا ما كان . هذه الخبرات والتقنيات والمعدات اللازمة وغيرها ، أخذت طريقها إلى المقاومة الفلسطينية في غزة ، ومنذ أمد طويل . في خضم الحرب الصهيونية على غزة ، ظهرت الكثير من المواقف والمقالات التي تعالج إستعدادات وإمكانيات المقاومة الفلسطينية في غزة ، وقدرتها على الصمود ، وفرصها في تحقيق إنجازات سياسية … وكان الكثير منها زاده “الأمنيات” … وبعضها ذهب إلى التقليل من حظوظ صمود هذه المقاومة ، وقدرتها على إنجاز نصر عسكري أو سياسي … عن قصد غالباً ، وعن غير قصد أحياناً . وغالباً ما تكون هذا المقالات والمواقف مبنية على المقارنة بين تجربة المقاومة اللبنانية ، ومثيلتها في غزة . من حيث ، الجوار لشريان الدعم السوري جغرافياً مع لبنان بعكس الحالة الفلسطينية في غزة حيث موقف الحكومة المصرية المختلف ، وإتساع قائمة ترسانة الأسلحة التي يمتلكها حزب الله وتنوعها عن مثيلتها في غزة ، وثراء البيئة وتعقدها في جنوب لبنان بما لايقاس بالمقارنة مع جغرافية قطاع غزة المنبسطة والخالية من التضاريس الحادة … سأحاول هنا إظهر بعض الحقائق بطريقة منهجية ، وعلى نحو مبسط قدر الإمكان ؛ لتتضح الرؤيا والمشهد .
* ميدان العمليات :

وأقصد هنا ، المحيط والتضاريس الأرضية من سهول ووديان وجبال وكهوف وأنهار وصحاري وغابات … وكلما تنوع وتعقد ميدان العمليات كان الدفاع عنه أسهل عموماً ، والعكس صحيح . في لبنان ، هناك تنوع وغنى واضح في تضاريس ميدان العمليات ، حيث نجد الجبال والأودية والغابات والكهوف والمغاور … ما يتيح إستخدام قائمة واسعة من الأنماط الدفاعية الفعالة ، كإستخدام الأسلحة المضادة للدروع والعبوات الناسفة والقناصات … من أماكن قريبة ، كما حصل في وادي الحجير مثلاً ، حيث المجزرة المميزة لدبابات الميركافا في حرب تموز 2006 ، على العكس من جغرافية قطاع غزة ، المنبسطة والخالية من التضاريس الحادة والموانع الطبيعيّة . لقد مثلت هذه التضاريس الصحراوية تحد حقيقي للمقاومة الفلسطينية ، وكان عليها أن تقوم بحملة كبرى لإنشاء شبكة واسعة من الموانع الإصطناعية ، وأساليب التخفي والتمويه . وهنا يظهر العقل المبدع والخلاق لمن راقب ميدان العمليات ، وحوّل نقاط فقره وضعفه إلى مزايا كبرى . أما كيف سأذكر ثلاثة نقاط ، وهي :
1- من المعروف بأن قطاع غزة يعد المنطقة الأكثر إكتظاظاً في العالم ، وقد يكون هذا الوضع عبئاً ثقيلاً على كاهل أي مقاومة قد تنشأ في مثل هذه الظروف الطبيعية السهلة ، والمنطقة الجغرافية المغلقة … لكن المقاومة قامت بتعبئة هذه الجماهير ، وحولتها من ثقل سكاني قد يقيد حركتها إلى بيئة حاضنة وداعمة .
2- قامت المقاومة الفلسطينية بعمليات تشجير واسعة ، وشجعت المواطنين على القيام بجهد مماثل ، ما شكل خرق واضح لطبيعة الأرض المكشوفة والصحراوية .
3- تنفيذ عملية تمويه كبرى بإستخدام باطن الأرض البعيد عن عيون ورقابة العدو ، بإنشاء شبكة أنفاق واسعة تشمل جبهات القتل ، وتمتد خلف خطوط العدو … وتتيح توفير طرق الإمداد ، ونقل المقاتلين والذخائر والأسلحة … بكل يسر وأمان ، وتنفيذ عمليات قنص وتفجير الآليات ، والإشتباك مع جنود العدو من المسافة صفر ، والتمكن من خطف بعضهم ، كما حدث في عمليات نوعية مثل ، عملية معبر كرم ابوسالم والشجاعية وخان يونس ورفح … .
* ما هو المطلوب من المقاومة الشعبية ؟

كما هو الوضع في جنوب لبنان – إذا إستثنينا تصريح السد حسن نصر الله حول تحرير الجليل – تحتاج المقاومة الفلسطينية ، عموماً إلى إنجاز مقولة ، ثبات المواقع الدفاعية . والمقصود بذلك قدرة المقاومة على التمسك بالهيئات والمواقع الحاكمة ، والمناطق الحيوية ، ومقاومة ضربات العدوّ القوية ، وصد هجماته ، وتدمير مجموعاته التي تنجح في اختراق الدفاعات . ويساعد على ثبات المواقع الدفاعية ما يلي :

1- الاستخدام الجيد ، والماهر لطبيعة الأرض والمواقع .
2- الاهتمام بالتجهيز الهندسي ، وخطط الموانع .
3- الاستعداد لسد ثغرات الاختراق ، ورَدّ المخترِقين على أعقابهم ، مثقَلين بأكبر خسائر ممكنة .
4- الاعتناء بوسائل الاتصالات : السلكية واللاسلكية ، والوسائل التبادلية الأخرى؛ للحيلولة دون فقدان الاتصال ، في أيّ مرحلة من
مراحل القتال .
5- تنظيم دفاع قوي مضاد للدبابات المعادية .
6- إعداد دفاع جوي وبحري فعال ، ومؤثر ضد طائرات العدوّ وقطعه البحرية . وهذا ما لم يتوفر حتى اللحظة لدى المقاومة الفلسطينية ، وخصوصاً تجاه الطائرات النفاثة ، أما المروحيات فلدى المقاومة بعض الوسائل الجيدة لصدها .
7- سرعة استعاضة الخسائر ، سواء في الأفراد والمعدات .
8- تحقيق تعاون فعال بين التشكيلات والوحدات ؛ لتأمين الفواصل والأجناب .
وقد أنجزت المقاومة الفلسطينية هذه المهام بكفاءة عالية جدا ، فبعد مضي شهر تقريباً ، على أعتى آلة حربية في المنطقة تؤكد الوقائع بأنها ما زالت ترواح مكانها . وقد أخبرنا أحدث تقرير إستخباري صهيوني حول الحرب ، بأن الهجوم الذي تشنه هذه الآلة المكونة من ، 85 ألف جندي صهيوني ، وألآف الطلعات الجوية ، وألآف الأطنان من القذائف والصواريخ ، ومئات الدبابات والمدرعات ، والحصار البحري الخانق ، وطائرات الإستطلاع التي لا تفارق أجواء القطاع … دمرت 30 منصة لإطلاق الصوارخ ، وأن “حماس” إستهلكت 30% من مخزونات الصواريخ ، و”مقتل” 240 “إرهابي” !!! ودون أدنى تقدم بري حقيقي .
* الأسلحة المناسبة :

وأقصد هنا إختيار الأسلحة التي تناسب أغراض المقاومة والصمود ، وتوائم ، في نفس الوقت البيئة الطبيعية لهذه المقاومة . وإذا ما إسترجعنا جغرافية قطاع غزة ، والكثافة السكانية العالية ، والبناء الطابقي ، وإحاطته بمخيمات وتجمعات سكانية ضيقة الطرق والمسالك … سيكون من السهل علينا تقدير الأسلحة الضرورية للدفاع عن هذه الجغرافيا . ويمكن تعداد أهمها كما يلي :
1 – تشكيلة متنوعة من الأسلحة المضادة للدروع ، وهذا ما تملكه المقاومة الفلسطينية بقوة .
2 – قناصات متعددة الأنواع والقدرة ، وهذا توفر لدى المقاومة الفلسطينية .
3 – عبوات ناسفة للجنود والآليات ، لدى المقاومة الفلسطينية قدرة مميزة على إنتاجها وإستخدامها .
4 – منظومة مقذوفات لقصف تجمعات العدو ، وتملك المقاومة الفلسطينية تشكيلة جيدة منها .
5 – تشكيلة من الصواريخ قادرة على ضرب مستوطنات ومدن العدو ، وهو ما قطعت فيه المقاومة الفلسطينية شوطاً مهمّاً .
6 – منظومات إتصال آمن ، ولديهم منظومة جيدة جداً .
7 – معدات إختراق وتشويش على إتصالات العدو ، وقد ظهر هذا واضحاً عدة مرات ، بإختراق إتصالات العدو عند تنفيذ المقاومة لهجومها النوعي في الشجاعة ، وفي إختراق البث التلفزيوني لبعض القنوات الصهيونية ، والدخول على شبكات إتصال العدو الخليوية وبث الرسائل عليها … .
* كلمة أخيرة :

لا خوف على صمود غزة وثبات مقاومتها ، فهي تمتلك الكثير الكثير مما تحتاجه من مقومات الثبات والصمود . وعندما يقول السيد حسن نصر الله ” إن غزة إنتصرت بمفهوم المقاومة ” فإن هذا الكلام دقيق تماماً ، لقد أسقطت أهداف العدوان بإحتلال غزة ، وإعادة إنتاج نظام ” أوسلو ” فيها ، ونزع سلاح المقاومة ، وإيصال ” الربيع العربي ” إلى غزة ؛ حيث قال الخبير االصهيوني في شؤون الشرق الأوسط “عودي بلانغا” : ” كنا نرغب برؤية ربيع عربي في غزة ” ، وإسقاط المقولة المجرمة والعنصرية للقاتل “تيودور هرتزل” ، قبل الغزو الصهيوني لفلسطين ؛ ” لن يكون للعرب سوى وظيفة القيام بالأعمال المنحطة ، جمع القمامة وتطهير الأرض وتجفيف المستنقعات وملاحقة الثعابين ” … لكن ، يجب التحذير هنا من مسار “الجحود” المستمر لدى بعض القيادات الفلسطينية تجاه حلف المقاومة ، والذي قد يؤسس لأخطار كبرى على هذا الصمود التاريخي للشعب الفلسطيني ، وخصوصاً من السقوط في فخ “إستثمار الدم بالنفط” ، والفشل في ترجمة النصر العسكري إلى نصر سياسي . وأما هذا الرحيل الكبير لأرواح شعبنا الفلسطيني البطل الطاهرة والبريئة ؛ فإنها القربان الحتمي والممر الإجباري للتحرر الفلسطيني من ظلم الإحتلال ، وقيود الإستعمار الصهيوني ، فالتارخ لم يذكر ، بأن مستعمر خرج يوماً إلى حيث جاء دون مقاومة وشهداء .