زمن التحدي.. بقلم: د. اسكندر لوقا

زمن التحدي.. بقلم: د. اسكندر لوقا

تحليل وآراء

الأحد، ٢٠ يوليو ٢٠١٤

إنه الزمن الراهن، الزمن الذي تختبر فيه إرادة الإنسان، كما هو حال إنسان الأزمة التي يعيشها أبناء شعبنا العظيم، شعب سورية الذي لم ولا يعرف الهزيمة مهما بلغ حجم التآمر عليه. إنه زمن تحدي الذات في الوقت عينه، ذلك لأنه سبق أن انتصر على أعاصير الحقد والتشفي التي واجهته باعتماده على قواه الذاتية، قبل سنوات وعقود طويلة. واليوم ثمة بشائر تجعل شعبنا يقوي من عزيمته، بشرائحه وأطيافه كافة.
في سياق الأنباء التي تنقلها وسائل إعلامنا، على اختلاف أنواعها، أن إرادة إعمار ما تهدم، منذ أن هبت عاصفة التآمر على ربوع وطننا، قد بدأت على أرض الواقع. وفي هذا الصدد نقرأ عن وزراء ومحافظين ومدراء مؤسسات أنهم قد شدّوا الهمم لإعادة ما كان قبل زمن المحنة إلى ما كان عليه، ومع تزامن هذا الفعل بإعادة بناء الإنسان الذي حاول أعداء الوطن جرّه إلى زمن ما قبل التاريخ.
مؤخراً قرأنا عن تحرير مدينة الصناعة على مشارف مدينة حلب، العاصمة الثانية للوطن، وقرأنا عن لقاء وزير الصناعة مع البعض من العاملين في الحقل الصناعي وعزمهم على إعادة آلة الإنتاج إلى سابق عهدها لتكون كما الخرزة الزرقاء التي تقي حاملها تبعات نظرات الشر، وهنا تحديداً نظرات الشر من جهة الشمال حيث يتحين أصحابها فرصة إعادة عجلة الزمن إلى الخلف. وأيضاً قرأنا عن وزيري الكهرباء والنفط، وعن مسؤولين آخرين في القطاعات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسوى ذلك وقد صمموا على خوض تجربة السباق مع الزمن، حتى يكون الزمن زمن التحدي بالفعل لا بالقول.
إن إعادة بناء سورية، والسعي لتجددها أرضاً وبشراً، لا بد من أن يرتب على المواطن- أياً كان ومهما كان موقعه - واجب الالتزام بمبدأ المواطنة التي آمن بها شعبنا دوماً وكانت سبيله إلى تحرير الأرض والبشر في أزمنة الاستعمار سواء في العهد العثماني البغيض أو الفرنسي الأكثر بغضاً، وقبل ذلك في أزمنة البرابرة الهمج في القرون السالفة. وفي اعتقادنا أن هذه المعادلة، معادلة المواطنة التي تربّينا عليها يوم كنّا صغاراً، ويوم غدونا كباراً، لا بد من أن تكون قد رسخت عميقاً في ذاكرتنا الجمعية بشكل أو بآخر؛ والآن جاء دورها لتثبت حضورها على الأرض، حضوراً كاشفاً لعزيمة أبناء سورية حاضنة دروس المقاومة ورد المعتدين على حاضرها ومستقبلها. إن مجيء هؤلاء من ثلاث وثمانين "دولة عصابات" لم يكن عبثاً. فقد جاؤوا إلينا في غفلة من الزمن، مدفوعين لجهة خدمة أصحاب خزائن المال وآبار النفط وخصوصاً من قبل حاملي هويات تسميهم تجاوزاً عرباً وهم من الحقيقة من فتات العرب الأصيلين في نهاية المطاف لا أكثر.
إنه زمن التحدي، تحدي العراقيل وصناع الأزمات في آن، وسورية لها.