الاغتراب الوظيفي.. بقلم: سامر يحيى

الاغتراب الوظيفي.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ٤ يوليو ٢٠١٤

نادراً ما تجلس مع موظّفٍ حكومي إلا ويشكو من معاملة مديره أو الفساد أو عدم قدرته على القيام بدوره، وتحميله المسؤولية دائماً لشخص موجود في المؤسسة، حتى وصلنا لمرحلة من التناقضات تجعلنا نحتار في من يقول الحق والصدق ومن هو الذي يساهم في تأخير وتعطيل المعاملات، وما أسهل تحميل المسؤولية على الآخر، أياً كان هذا الآخر، وأياً كان مكانه ومكانته الوظيفية أو العلمية أو العملية، ونتجاهل أنّ كل منا يتحمّل جزءاً من المسؤولية، وهذا يعتبر نوعاً من أنواع الاغتراب النفسي والتباعد بين الشخص ذاته وبين آرائه وأفكاره وما يدّعيه أو يتحدّث به، ونصل إلى حيرةٍ من أمرنا، لم الفساد والتعقيد والتأخير في المعاملات ما دامت الغالبية تتكلم عن دقّة عملها والتزامها بواجباتها.
إن هذا الاغتراب الوظيفي بين تصرّفات الموظّف وما يتكلّم به، بغض النظر عن التعريفات والدراسات لمفهوم "الاغتراب"، يعتبر حالة نفسية ذاتية ناتجة عن الظروف الشخصية للموظف، أو حتى المواطن العادي، كون القطّاع الحكومي القطاع الأكثر تأثيراً في المجتمع، بحيث يشكّل العاملون فيه نسبةً كبيرة من الدخل لأفراد المجتمع، وكذلك يتعامل تقريباً غالبية المجتمع وإن لم نقل كافة أبناء المجتمع لدى مؤسسة حكومية ما، مما يتطلّب النهوض بهذا القطاع، ومنع تأثره بأي سلبيات، بالنهوض بالموظّف نفسه، قبل أي شيء، لأن قسماً لا بأس به من الموظفين الحكوميين يحتاج لروح المبادرة والشعور بالآخر، فالموظّف الذي يعيق أو يؤخر معاملةً ما، نفسه الذي يعمل المستحيل كي لا تتأخر معاملته لدى مؤسسة أخرى، وينزعج ويبدأ بالسباب والشتائم لأن فلان لم يسيّر مهمته، وأنّ معاملة بسيطة كلّفته الكثير، متناسياً أنه نفس الشيء فعل في دائرته أو في مكتبه مع الآخرين.
كما يحق لكل موظف حكومي الشعور بالفخر بأنّه استطاع تقديم شيء وصمد في هذه الظروف العصيبة، لكنّه يجب أن يدرك بأنّه يعمل لأجل وطنه، وهذا واجبه، بل عليه القيام ببذل الجهود مضاعفة لتجاوز كل المعوقات والتحديّات التي طرأت لتطوير عمل المؤسسة وجعلها ناجحة، بعيداً عن التنظير والعواطف والحديث الخلّبي والأرقام البعيدة عن الواقع.. بل اعتماد العمل الجاد للتغلّب على الاغتراب النفسي الوظيفي، وبدلاً من الانزعاج من تصرّف مديره في العمل والشكوى من قلّة الراتب وصعوبة الطريق وغيره، محاولة تفهّم تصرّف مديره والعمل على تنبيهه لهذا السلوك أو ذاك، صحيح لن ننجح بسرعة ولكنها خطوة في الطريق القويم، فعمل الموظف الحكومي ليس فقط أداء مهامّه بل السعي من أجل تطوير المهام المنوطة به بما يصب في مصلحة المؤسسة التي هي مصلحة الوطن، ومصلحة كل مواطن.
هنا أرى بأن هناك بعض الخطوات تحتاج للنقاش والحوار أهمها:
- تفعيل دور إدارة العلاقات العامة، لتكون صلة الوصل بين الإدارة والموظفين، بما يصب في تطوير عمل المؤسسة. 
- عقد اجتماعات دورية بين المدير الأعلى بالمؤسسة وكافة العاملين دون استثناء، وكذلك حسب كل اختصاصه.
- عقد اجتماعات دورية بين المدير المسؤول والعاملين ضمن إدارته بشكلٍ شبه يومي أو أسبوعي حسب طبيعة عمل المؤسسة.
- تقديم كل موظف- أياً كانت مرتبته- تقريراً أسبوعياً كحدٍ أقصى يوضّح فيه رؤيته والمعوقات والإيجابيات في أداء عمله، والحلول المقترحة لتسريع العمل وإنتاجيته.
- جولات ميدانية حقيقية لمتابعة الأوضاع عن كثب، بعيداً عن حاشية هذا المدير أو ذاك، واللقاء بشكلٍ فردي وجماعي مع الموظّفين على اختلاف انتماءاتهم.
- الاهتمام بالدورات التدريبية والتثقيفية لكافة العاملين دون استثناء.
- تطوير عملية التعاضد والتكافل بين العاملين بالمؤسسة والاهتمام بوضع العامل الاقتصادي والاجتماعي.
- تطوير آلية عمل النقابات بكافة أعمالها، من أجل إتاحة المجال لتحقيق عائدات إيجابية وإقامة استثمارات تعود بالإيجاب للبلد وتأمين متطلبات منتسبيها.
- الاعتماد على الدراسات الجدية البعيدة عن التنظير ولجان التجميد.
- البحث في الحالة الاجتماعية والمعنوية للموظّفين على الأقل لدراستها من أجل حلّها عندما تكون الظروف مناسبةً بما يساهم بتشجيع الإبداع الوظيفي الحكومي.
ختاماً نقول إن تأمين الحد الأدنى من الراحة النفسية، وجعل الموظف ملتزماً بعمله الوظيفي، ويحب عمله يقضي على عملية الاغتراب الوظيفي، ويساهم بتطوير عجلة الإنتاج بشكلٍ إيجابي ومكافحة العوائق وتذليل الصعوبات وتحقيق الايجابيات، فدوره هو تطوير عمل مؤسسته والذي هو بالتأكيد تطوير المجتمع ككل.