الموصل وحلب..وحدة "المؤامرة"

الموصل وحلب..وحدة "المؤامرة"

تحليل وآراء

الخميس، ٣ يوليو ٢٠١٤

"نكسة الموصل" كما تسميها القيادة العراقية ، خضعت ولا تزال للعديد من التحليلات والتأويلات ، وتناولتها الصحف العراقية والعربية والعالمية كل من زاويتها ، فمنهم من أسماها مؤامرة كبرى تعرضت لها بغداد وآخرون تحدثوا عن أخطاء وخيانات ....الخ.
هناك صورة لم يتم التطرق اليها بشكل مفصل في معرض شرح الاسباب التي وقعت في ثاني أهم المدن العراقية "الموصل" وأُريد لها ان تكون منطلقاً لمشاريع تتجاوز حدود بلاد الرافدين.
ما بين العراق وسوريا
شاء "المدبرون" لنكسة الموصل تنفيذها صيف العام الحالي (2014) في توقيت شكل – وفق المعطيات السياسية والميدانية – رداً على ما افرزته نتائج الانتخابات الرئاسية في سوريا والانتخابات التشريعية في العراق.وهي نتائج خلفت صدمة لدى دول في الاقليم والغرب التي لطالما راهنت على اسقاط بشار الاسد ونوري المالكي بهدف تغيير المعادلات الاقليمية وصولا الى عزل ايران عن حركات المقاومة بمقدمتها حزب الله.
محاولات اسقاط الرجلين إستمرت وان تفاوتت الظروف في كل البلدين .فسوريا أُدخلت في حرب دموية هدفت الى تدميرها وابعادها عن اي دور ونشاط اقليمي بعد العجز على اسقاط دمشق عقب ثلاث سنوات من محاولات استخدمت فيها واشنطن والغرب اضافة الى تركيا ودول خليجية كافة الوسائل لازاحة الاسد .ومع تعثر هذا المشروع سعت الاطراف نفسها الى ضرب العراق من بوابة الاحتجاجات التي أُضرمت في الانبار (2013) والتي بدورها لم تؤدِ الى النتيجة المتوخاة.
ربط العراق بالملف السوري بدى واضحاً في الاجندات التركية والخليجية والاميركية التي سعت جاهدة الى ضرب الحلقة السورية كونها المفصل في محور المقاومة وكان أخطر هذه المحاولات ما جرى في ربيع وصيف العام 2012 وما أُعلن يومها عن "غزوة دمشق" عقب اغتيال الضباط الاربعة في مبنى الامن القومي ، لكن الجيش السوري استطاع حسم المعركة وتأمين العاصمة وفرض طوق على معاقل المسلحين في الغوطة.
حلب - الموصل
فشل "غزوة دمشق" سرع القرار لدى دوائر استخبارات بعض الاطراف العربية والاقليمية بمباركة أميركية الى التوجه شمالاً أي الى حلب ثاني أهم المدينة السورية .وبالفعل وقعت المدينة في تموز/يوليو (2012) تحت رحمة الاف المسلحين -كثير منهم اجانب- الذين غزوا العاصمة الاقتصادية لسورية بعد ما وُصف "بمؤامرة" اشتركت فيها اطراف محلية واقليمية وغربية تم بموجبها تسليم المدينة الى المسلحين.
القيادة السورية ومنذ اللحظات الاولى ايقنت ان سلخ حلب أتى في اطار تدفيعها ثمن صمودها خاصة وأن اهالي المدينة الذين يفوق عددهم المليونين ونصف المليون نسمة ظلوا متمسكين بالقيادة السياسية والعسكرية عكس ما كانت يشتهيه بعض الغرب والعرب.
ظروف حلب السورية عام (2012) بدت مشابهة لما تعرضت له الموصل عام (2014) وتشترك المدينتان في النقاط التالية:
*حلب
- تعتبر ثاني اهم مدن سوريا وعاصمة البلاد الاقتصادية بعد دمشق
-هي عاصمة محافظة حلب التي تعد أكبر المحافظات السورية من ناحية تعداد السكان حوالي (5 مليون نسمة)
-تعد حلب واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم وتضم خليطاً من كافة الطوائف والمذاهب ويشكل المسلمون السُنة غالبية سكانها.
- تضم مراكز سياحية واثرية هامة وفيها شبكة مواصلات ضخمة.
- منذ اندلاع الاحداث في سوريا (ربيع 2011 ) لم تشهد المدينة احتجاجات كبيرة بل تظاهرات محدودة قياسا لعدد سكان المدينة.
- وقوع قتال بين مختلف الفصائل المتحاربة ونزوح عشرات الالاف بفعل تردي الاوضاع المعيشية.
- جرى تسليم حلب وفق ما تصفه دمشق "بالمؤامرة" 2012
- تقع محافظة حلب عند الحدود مع تركيا التي سهلت ولا تزال تهريب السلاح والمسلحين.
*الموصل
-هي مركز محافظة نينوى وثاني مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 1،5 مليون نسمة.
- تعتبر عاصمة البلاد الاقتصادية
- أغلبية سكان الموصل من المسلمين العرب السنة ويوجد مسيحيون ينتمون إلى عدة طوائف وأكراد وتركمان
- تشتهر بالتجارة مع الدول القريبة مثل سوريا وتركيا
-سقطت المدينة بأيدي تنظيم "داعش" بعد مؤامرة كبرى بحسب الحكومة العراقية
-تهجير عشرات الالاف من عائلاتها خوفاً من الجماعات المسلحة التي تعمد الى تدمير الابنية التراثية والدينية وانعدام الخدمات العامة
- وقوع حالات الاقتتال بين تنظيم "داعش" وبقية الجماعات المسلحة
- تقع المدينة عند الحدود التركية ووجهت اتهامات عراقية لأنقرة بلعب الدور الاكبر في احداث المواصل الاخيرة.
أخطر ما تشهده حلب والموصل هي مخططات التقسيم الخارجية التي أعدت بهدف جعل المدينتين نقطة انطلاق لتفتيت سوريا والعراق على حد سواء.
واذا كان الجيش السوري استطاع افشال مشروع اسقاط دمشق (انطلاقاً من حلب) بعد خوضه معارك طاحنة مع الجماعات المسلحة حقق فيها انجازات كبيرة ، فإن مهمة الجيش العراقي تبدو أصعب لكن ليس مستحيلة لنظراً لتورط اطراف محلية واسعة بينهم حكومة اقليم كردستان وقوى سياسية وبقايا النظام السابق وتنظيم "داعش" وبمقدمة هؤلاء جميعاً يأتي الدور التركي – الخليجي – الاميركي ، لذا فإنه من المبكر التنبؤ بما ستؤول اليه الاوضاع خاصة بعد ما اضحى تنظيم "داعش" يأكل حصة داعميهم في غرب العراق وشرق سوريا.