لقطات مدرسـية!! .. بقلم: د.بسام الخالد

لقطات مدرسـية!! .. بقلم: د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الاثنين، ٣١ مارس ٢٠١٤

(1)
إحدى المعلمات تنتقم من التلاميذ الذين لا تستطيع توبيخهم أو ضربهم، بشكل مباشر، عن طريق أولادها الأشقياء الموجودين معها في المدرسة.. والتي تقوم بحمايتهم بعد أن تصل الشكوى إلى الإدارة.. وغالباً "ما يطلع الحق" على التلميذ المضروب لأن ليس له أمّ تسند ظهره في المدرسة!
أمثال هذه المعلمة.. تنتقي التلاميذ الذين تربطها مع أقاربهم وذويهم مصالح يمكن الاستفادة منها، وتجمعهم في صفها بغية استخدامهم كورقة تأثير عند الحاجة.. وهذا يتكرر مع بداية كل عام دراسي.. والإدارة لا تريد أن تفتح ملف هذه المعلمة كونها "مدعومة" وثرثراتها لا تنتهي!
(2)
بعض المدارس تفرض على تلاميذها، بدءاً من الصف الثاني الابتدائي، الكتابة بقلم الحبر السائل.. تصوروا تلميذاً لا يتجاوز عمره ثماني سنوات يعود لاستخدام المحبرة والنشافة ويصبغ يديه الصغيرتين بالحبر ويلوّن صدّارته المدرسية باللون "الكحلي" الذي لا يمكن إزالته.
قديماً كان استخدام قلم الحبر للكتابة أمراً مسوَّغاً قبل اختراع أقلام الحبر الناشف.. أما الآن وبعد اختراع مئات الأنواع من الأقلام سهلة الكتابة، فما هو مسوِّغ استخدام قلم الحبر لتلميذ صغير لا يعرف كيف يملأ القلم بالحبر؟!.. هل تعلمون ما هو ثمن أرخص قلم من هذا النوع.. إن أرخص قلم لا يقل ثمنه عن ثلاثمئة ليرة سورية.. وأهالي التلاميذ الصغار غير قادرين على شراء أقلام من هذا النوع، إضافة إلى أن التلميذ يمكن أن يعطّل عشرة أقلام من هذا النوع حتى يعتاد الكتابة بها.. هذا إن اعتاد!
(3)
ظاهرة انعدام الرقابة على التلاميذ في أثناء الفرص بين الدروس باتت شبه معدومة، وغالباً ما تترك المعلمة المناوبة الحبل على الغارب، وتنيط هذه المهمة للجان الانضباط المدرسي الذين يتم اختيارهم من الصفوف الأعلى "الخامس والسادس" ومن طبع التلميذ في هذه السن أنه يحب السيطرة التي تتيحها له المعلمة، فيتصرف مع التلاميذ الأصغر سناً على أنه "الشرطي" الذي يأمر وينهى.. وليس أمام الطفل ابن الصف الأول، سوى البكاء في ركن من أركان الباحة من دون حركة أو من دون ممارسة حقه في التنفيس والترويح عن نفسه في أثناء الفرص، وكثيراً ما يُعاقب التلميذ إذا تلكأ في الخروج من الصف، حيث لجان الانضباط تكون له بالمرصاد لتقطع عليه إكمال تدوين بعض العبارات التي تأخر عن تدوينها بحضور المعلمة!
(4)
مع تقديرنا لما يقدمه المعلمون والمعلمات من جهد في تعليم التلاميذ، لكننا نذكِّر بأن العملية التربوية لتلاميذ المرحلة الابتدائية، تأتي قبل العملية التعليمية.. فإذا ترك المعلم أو المعلمة أثراً طيباً نابعاً من حنان وعطف وصبر وسعة أفق، يحقق العمليتين معاً، ويصل بالتلميذ إلى الهدف الذي ننشده جميعاً حيث المعروف تربوياً أن الطفل في هذه المرحلة عبارة عن لوحة شفافة يمكن تشكيل أية صورة عليها بيسر وسهولة.. فلماذا لا نرسم عليها صورة إيجابية تحدد ملامح المستقبل بدلاً من الخدوش؟!
أخيراً: لقد أخرجت الأزمة السورية آلاف التلاميذ من المدارس، ومن واجب الجميع إعادتهم إلى مدارسهم، بأي شكل كان وفي أي مكان كانوا، بغض النظر عن ظروف الحرب وتداعياتها، لأن بقاء هؤلاء التلاميذ خارج العملية التعليمية سيُراكم أجيالاً من الأميين وسيزيد تداعيات الأزمة تعقيداً، وهذا ما يجب أن يتنبه إليه المعنيون والقائمون على العملية التربوية.