الإرهاب الاقتصادي الأمريكي.. وسبل المواجهة بقلم الدكتور عوني الحمصي

الإرهاب الاقتصادي الأمريكي.. وسبل المواجهة بقلم الدكتور عوني الحمصي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٥ فبراير ٢٠١٩

     بعيداً عن العنتريات والرومانسية الزائدة الحرب لم تنته بعد، بهذه العبارات تتضح الواقعية السياسية والشفافية والمكاشفة المطلقة بذاتها عندما شخصها السيد الرئيس الأسد بكلمته التوجيهية خلال استقباله رؤساء المجالس المحلية من جميع المحافظات السورية، مؤكداً إننا ما زلنا نخوض أربعة أنواع من الحروب، ولعل من أخطرها الإرهاب الاقتصادي الأمريكي المتمثل بالحصار والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب على الشعب السوري بعد عجزها التام في تحقيق ما ترنوا إليه باستخدام الإرهاب المعولم داعش وأخواتها، فلجأت إلى استخدام آخر أوراقها " قانون سيزر" القديم/ الجديد نتيجة فشلهم أولا عبر الإرهاب وثانياً عبر وكلائهم وعملائهم من السوريين سينتقلون إلى الخطة الثالثة وهي خلق الفوضى داخل المجتمع السوري باعتبارها أحد أوراق الضغط المباشرة في إظهار العجز التام للدولة السورية في مواجهة أبسط متطلبات الحياة اليومية لمواطنيه للوصول لمفهوم الدولة الفاشلة. ناهيك إشاعات أمنية واقتصادية واللعب بأسعار الليرة والصرف ثقة الناس بدولتهم.

مما تقدم، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إقرار ما يعرف بقانون "سيزر" او قيصر بعد إقراره من قبل مجلس النواب الأمريكي تحت ذريعة "قانون حماية المدنيين" للضغط على الحكومة السورية والحلفاء والأصدقاء الذين ساهموا في القضاء على المشروع الإرهابي المعولم بهدف تحقيق المشروع الأمريكي الصهيوني الوهابي في المنطقة، وبالتالي يأتي هذا المشروع بعد العجز الأمريكي في استخدام ورقة الترهيب والترويع بالقتل وجز الرقاب تلجأ اليوم الى الإرهاب الاقتصادي من خلال الحصار وتضيق الخناق على شعب اختار الصمود في وجه الإرهاب الأمريكي والوقوف مع القيادة والجيش العربي السوري.

وبالحث عن أبعاد وغايات وأهداف الإرهاب /الحرب الاقتصادية الأمريكية في هذه المرحلة من خلال هذا القانون"سيزر" أحادي الجانب من خارج الحدود الدنيا ولعل اقلها القانون الدولي والشرعية الدولية ليعبر عن النهج لاستعماري الجديد للولايات المتحدة الامريكية ناهيك عن المبادئ الأخلاقية والإنسانية، وهذا الأمر يؤكد الترابط العضوي بين الإرهاب بأنواعه وتسمياته المعدلة وراثيا وسياسة الاستعماريين الجدد للولايات المتحدة الأمريكية والغرب في القرن الواحد والعشرين

ومن يتابع هذه السياسة غير الناجعة في كثير من الممارسات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية على الكثير من الدول التي حاولت ممارستها على الكثير من الدول كروسيا وإيران وفنزويلا والتي لم تجدي نفعاً حتى تاريخه.

اليوم يمكننا القول: إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست كل العالم.فمع تشكل التحالفات السياسية والاقتصادية في العالم، والتي تستند على أساس المصالح البينية المشتركة ومبدأ الشرعية الدولية والاحترام المتبادل هناك اصطفافات مشروعة في الاقتصاد الدولي القائم على مبدأ الاحترام المتبادل للمصالح الاقتصادية بين الأطراف كالبريكست وشنغهاي والاتحاد الاوراسي وجميعها عانت وتعاني من الحصار الاقتصادي والإرهاب الاقتصادي الجائر على شعوب العالم للبقاء والحفاظ على الهيمنة الامريكية كقطب وقوة اقتصادية وحيدة في العالم.

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا التوقيت لهذا القانون...؟ علماً هذا القانون قديم/ جديد وهو مطروح من العالم 2014، لكن الجديد فيه المدد الزمنية الجديدة بدل من سنتين الى عشر سنوات

طبعاً العالم يعرف إن سورية اليوم حققت انجازات مهمة على صعيد الحرب على الارهاب واجتثاثه وبدأت الحياة تعود الى طبيعتها في كثر من المناطق وبدأت الطروحات والحديث اللقاءات الثنائية والدولية في الولوج في مرحلة اعادة الاعمار وهناك الكثير من الدول العربية والغربية بدأت بإرسال الرسائل من تحت الطاولة ومن فوقها في ضرورة المشاركة في مرحلة إعادة الاعمار، ومن هنا الولايات المتحدة لأمريكية ربما (سيناريو) تريد تعطيل أي محاولة تقارب بعض الدول التي تسعى جاهدة  للبحث عن فتح قناة تواصل مع الدولة السورية من اجل تحقيق مكسب من الكعكة الاقتصادية في مرحلة إعادة الأعمار، وخاصة إنها لم تحقق شئ من التبعية وراء الولايات المتحدة الامريكية طيلة الثمان سنوات والدليل على ذلك البرنامج النووي الإيراني وتعطيله فكان المتضرر الأكبر هو الغرب والشركات الغربية حيث أصبحت ايران نقطة استقطاب استثماري كما هي سوريا كانت في الماضي ولا ننسى تشكل قلب مشروع ربط البحار الخمس

السيناريو الثاني :هل تتخوف من إبعادها من أي مكسب في عملية إعادة الاعمار..؟، وبالتالي الخروج من اللعبة دون تحقيق أي هدف سياسي او اقتصادي- منطق العقل يفرض ذلك- وخاصة بعد التصريح الرسمي السوري لن يكون لأي طرف ساهم في الحرب الكونية ودعم الارهاب دور في مرحلة إعادة الاعمار بعد ثمان سنوات من الحرب وبالتالي تعطيل الانتصار الاقتصادي، وبالتالي تريد الضغط على ان يكون لها دور ما في اعادة الاعمار وخاصة ان القانون سمح للرئيس الأمريكي أن يلغي أو تعليق العقوبات على أساس كل حالة على حدا.

أخيراً : الولايات لا بهمها بأي شكل من الاشكال حماية المدنيين أو الامن والاستقرار في اي بقعة جغرافية على الكرة الأرضية، وبالتالي هذه السياسة التجويعية في استخدام الحصار والعقوبات الاقتصادية كونها جزء من سياسية الولايات الامريكية غير الناجعة وغير الشرعية.

 ناهيك أن الأمريكيون يريدون إرسال رسالة للحلفاء والخصوم في آن واحد  مفادها أن الولايات المتحدة سترد على كل الدول الراغبة في الولوج في إعادة الاعمار للحلفاء و الخصوم من خلال  تعطيل أي جهد ستقوم به لدعم روح الحياة  للشعب السوري من قبل روسيا أو إيران وغيرها في تقديم الدعم للشعب السوري، وخاصة تلقي الحكومة السورية الكثير من الرسائل من بعض الدول العربية والغربية بإمكانية المشاركة في إعادة البناء .

ناهيك أن أحد مرتكزات السياسة الأمريكية مازالت مصرة على إيجاد حالة من الإحباط - لدى الشارع السوري- بين المواطن والحكومة من خلال  تعميق الفجوة بين ما يمكن ان يكون وما هو كائن ناهيك عن عملية تقويض النصر الكبير على اعتى مشروع امريكي تفتيتي للمنطقة مع الاخذ بعين الاعتبار التدمير الممنهج للبنى التحتية في الرقة وغيرها.

تسعى الولايات تحقيق مكسب وانتصار سياسي واقتصادي للجمهور الداخلي في الولايات المتحدة بعد جل الهزائم في المنطقة كما هو الانسحاب

تحاول الولايات الإمساك بالعصا من الوسط في هذا القانون من خلال السماح للرئيس الأمريكي أن يلغي العقوبات على أساس كل حالة على حدا، كما يمكن تعليق العقوبات إذا جرت مفاوضات هادفة في المستقبل تمكن الولايات المتحدة اعادة توزيع الكعكة الاقتصادية مع الاطراف الدولية الاخرى لاسيما المشاركة في اعادة الاعمار.

وأمام كل ذلك التشخيص وحده غير كافي كما قال الرئيس الأسد “عندما يذهب شخص إلى الطبيب وهو يتألم لا ينتظر من الطبيب التعاطف ولا ينتظر منه أن يدين المرض هو ينتظر منه علاجاً" في مواجهة التحديات والعقوبات الاقتصادية الجائرة العمل على.

  1. وضع  خطة وطنية لتدعيم صمود الشعب السوري والشعوب الماثلة في أي حصار لاحقاً التي وقفت مع الدولة السورية
  2.  تخفيف القيود على الشعب السوري ودعم مقومات المعيشية اليومية لتعزيز مقومات الصمود من خلال مواجهة الفساد والفاسدين والمقصرين والمصارحة والمكاشفة والشفافية وبناء الثقة بين المسؤول والمواطن.
  3. اعتماد سياسة الاكتفاء الذاتي ولدينا تجربة في ثمانينيات من القرن الماضي
  4. الحفاظ على الخبرات الوطنية وتشكيل الجيش الاقتصادي لمواجهة الحصار والعقوبات المفروضة على الشعب السوري من خلال ابتكار الحلول الخلاقة والمبدعة.
  5. العمل على فضح المرحلة الراهنة من سياسية التجويع والحصار الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية على الشعوب ذات السيادة من خلال الضغط في المحافل الدولية وفضحها من قبل الدول الصديقة على هذه السياسة أحادية الجانب.
  6.  الإسراع في تفعيل اتفاقيات والعلاقات الاقتصادية البينية والعمل على جذب رؤوس الاستثمارات الصديقة خاصة أن سورية تمتلك كل مقومات البيئة الاستثمارية الخصبة.