هل ستكون معركة إدلب القادمة … ضد المسلحين فقط؟.. بقلم: مهران نزار غطروف

هل ستكون معركة إدلب القادمة … ضد المسلحين فقط؟.. بقلم: مهران نزار غطروف

تحليل وآراء

الجمعة، ١٦ نوفمبر ٢٠١٨

ينتظر الجميع محليا وإقليميا ودوليا مآل الوضع في إدلب السورية، ويشوب هذا الترقب والانتظار مزيج من الرهانات والأسئلة، ينحو بعضها بالقول لضرورة تنفيذ اتفاق سوتشي، الذي غير بدوره مجريات الأحداث، والذي مضى على عقده شهرين من الزمن، دون أيها نتائج ملموسة، فيما يخص تطبيقه على الأرض، وخاصة من قبل الجانب التركي!
فيما ينحو بعضها الآخر باتجاه أنه لا مفر من عودة الجيش السوري إلى العمل العسكري، والذي كان قد أعدّ له سلفا، كأضخم عمل عسكري منذ بدء الحرب السورية، لما تمثله إدلب من خصوصية احتوائها على أكبر تجمع إرهابي صرف، معظمه ناتج عن إغلاق ملفات ساخنة سابقة، كانت قد توزعت على معظم الأرض السورية.
فيما نحا آخرون باتجاه القول أنه لتنفيذ اتفاق سوتشي لا بدّ من القيام بعمل عسكري “جزئي” يطال الجماعات الإرهابية الأكثر تشددا (كـ جبهة النصرة)، ما يدفع ربما بالجانب التركي لتحسس جدية الحسم لدى الجيش السوري، فيعجل من تحركه لتطبيق اتفاق سوتشي.
الجانب الروسي في وقت لاحق لاتفاق سوتشي، كان قد أكد على لسان وزير خارجيتة سيرغي لافروف، أن تركيا “تعهدت” بفصل “المعارضة” المستعدة للعملية السياسية من “جبهة النصرة”، وهذه ليست مهمة “سهلة”، وما زلنا “نأمل” أن تتمكن تركيا من فصل “المعارضة الطبيعية العاقلة والوطنية” عن “جبهة النصرة”.
في حين أن الجانب السوري وعلى لسان وزير خارجيته وليد المعلم أيضا، صرح أن دمشق تؤمن أن تركيا ”قادرة على تحقيق التزاماتها تجاه اتفاق إدلب”، وأضاف المعلم أنه تلقى “ضمانات” من نظيره الروسي لافروف “عن  تطبيق روسيا وتركيا الاتفاق المبرم في سوتشي”.
وبالنظر إلى التطورات التي واكبت المشهد الخاص باتفاق إدلب، منذ إعلانه 17 سبتمبر /أيلول الماضي، يلحظ عودة الاعتداءات الإرهابية على مدينة حلب وريفي حماه واللاذقية، إضافة لسعي الجانب التركي تعزيز تواجده في العمق السوري، وصولا لبلدة اللطامنة في ريف حماه الشمالي مؤخرا، مع تضارب الأنباء فيما يخص ترحيل المسلحين المتشددين، وبين نقل أو إخفاء الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح، إضافة لعودة الفوضى المتعلقة بملف الكيميائي بين الجماعات المسلحة إلى الواجهة من جديد، وما لذلك من تداعيات باتت معروفة للجميع.
يمكن ربط هذه التطورات جميعها بالتصريحات التي أطلقها مؤخرا الرئيس التركي، مؤكدا أن أي انسحاب لقوات بلاده من المناطق التي تحتلها في الشمال السوري، مرهونة بإجراء انتخابات يشارك فيها السوريون هناك! وهذا بالتحليل يفسر المماطلة التركية في تنفيذ اتفاق سوتشي، من خلال البحث لها عن ضمانات بالمشاركة بأي عملية سياسية سورية قادمة مقابل الانسحاب!
وهذا ما ترفضه القيادة السورية جملة وتفصيلا، من خلال تأكيدها الدائم أن أي حل لا يكون سوري – سوري دون أيها تدخلات خارجية، فهو مرفوض رفضا قاطعا.
الرئيس بشار الأسد كان قد أشار مؤخرا وخلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إلى أن موقف الدولة السورية واضح حول الاتفاق الذي تم بشأن إدلب، موضحا أن: “هذه  المحافظة وغيرها من الأراضي السورية المتبقية تحت سيطرة الإرهابيين، ستعود إلى كنف الدولة السورية، وأن الاتفاق هو إجراء مؤقت، حققت الدولة من خلاله العديد من المكاسب الميدانية، وفي مقدمتها حقن الدماء.”
ما يفسر حقيقة التريث الذي اعتمده الجيش السوري، والذي جاء ضمن الإستراتيجية السورية – الروسية لأجل كبح الاستثمار الدولي اتجاه إدلب، والذي بدوره أعطى الفرصة لاتفاق سوتشي من خلال تأجيل العمل العسكري، لتفعيل مساحة الخيار السلمي.
ولكن؛ لا نعتقد أنه في حين أخذ قرار البدء بالعمل العسكري، سوف لن يتوقف دون إنجاز كامل مهامه، والتي تمثل قرارات الدولة السورية العازمة على تحرير كامل التراب السوري من الإرهاب، عبر التسويات أو من خلال العمل العسكري، والمتوافقة علنا مع إستراتيجية حلفائها الروسي والإيراني، خاصة وأنه بات معروفا للجميع أن الجيش السوري وضع مع حلفائه كافة الاحتمالات والخطط التي تجعل من الحسم الميداني لصالحهم مؤكدا، وفي هذه الحالة سيكون السؤال الأكثر طرحا: هل ستكون معركة إدلب القادمة – في حال وقعت – ضد الفصائل المسلحة فقط؟ أم هل ستذهب الأمور لصدام مباشر مع قوات المحتل التركي أيضا؟
الجمود السياسي فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق سوتشي، والمترافق بالمماطلة التركية، وباستفزازات المجموعات الإرهابية، والرد المباشر من قبل قوات الجيش السوري، ينذر بأن إعادة وضع العملية العسكرية على الطاولة مجددا، بات أمرا مطروحا أكثر من ذي قبل، فهل يكون آخر العلاج الكي يا إدلب …!