ما هو دور واشنطن في إسقاط الطائرة الروسية؟

ما هو دور واشنطن في إسقاط الطائرة الروسية؟

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨

السؤال الذي يجري تداوله في خلف الأحداث، هو إذا كان قرار إسقاط الطائرة الروسية فوق المياه الاقتصادية السورية جاء بطلب من "طرف ثالث"، أسوة بما حصل مع إسقاط مقاتلة سوخوي-24، من قبل تركيا في عام 2015 بقرار من حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة. فمدى "المياه الإقليمية" وفق القانون الدولي يبلغ 22 كلم، أما "المياه الاقتصادية" فهي أبعد من ذلك بكثير، مما يرسي "قواعد اشتباك" جديدة أمام تصاعد التهديدات الغربية "والإسرائيلية" والرامية لإدامة استنزاف سوريا بعد هزائم متتالية تكبدتها المجموعات المسلّحة.
الموقف الأميركي أتى سريعاً كاشفاً عمق مستويات التنسيق مع "إسرائيل". إذ نقلت شبكت "سي أن أن" فور الحادث عن مصدر رفيع لها في الإدارة الأميركية قوله إنه "تم إسقاط الطائرة الروسية بالخطأ بصواريخ الدفاع الجوي السوري التي باعتها روسيا لسوريا منذ سنوات".
وأضاف أن الحادث وقع عندما حاولت الدفاعات السورية صد غارة شنتها 4 طائرات إسرائيلية F-16 مساء الإثنين الماضي على أهداف في مدينة اللاذقية السورية.
وزير الخارجية مايك بومبيو قال في بيان إن "حادث أمس المؤسف يذكرنا بضرورة إيجاد حلول دائمة وسلمية وسياسية للصراعات الكثيرة المتداخلة في المنطقة، ولخطر الأخطاء المأساوية في التقدير في الساحة السورية المزدحمة بالعمليات".
كما دعا بومبيو لإنهاء عمليات نقل إيران لأسلحة عبر سوريا، واصفاً إياها بأنها "مستفزة وتشكل خطراً على المنطقة".
الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط يشهد حضوراً عسكرياً مكثفاً من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة لروسيا، بشكل غير مسبوق في إشارة للمرابطة بالقرب من الشواطىء السورية وكانت الفرقاطة الفرنسية نشطة في إطلاق صواريخ مجنحة باتجاه مدينة اللاذقية.
وقالت موسكو مباشرة إن فرنسا قد يكون لها صلة بحادث طائرة الاستطلاع الروسية "إيل-20"، استناداً إلى بيانات رصد راداراتها قيام "أوفيرني" بإطلاق صواريخ في سير طيران طائرتها "وحضورها في المكان والزمان غير المناسبين".
ومن المستبعد (وفق رؤى بعض الرؤى الاعتقاد أن وجهة الإتهام "إسرائيل" قررت "انتهاك الوضع القائم طوعاً، خاصة وأن روسيا منعت التشكيلات الإيرانية من المرابطة في مرتفعات الجولان، وأخذت بالاعتبار مصالح "إسرائيل" في سوريا بعد الحرب". كما وأن "إسرائيل" وافقت على "مبادرة الرئيس الروسي بإرساء قواعد اشتباك محددة" للحيلولة دون وقوع صدام مباشر مع القوات الروسية هناك.
الخبير العسكري والأستاذ في قسم العلوم السياسية والاجتماعية بجامعة بليخانوف للاقتصاد في موسكو، ألكسندر بيريندجييف، رجح أن ضربات العدوان الغربي على سوريا هذه المرّة لن تُسدّدها المدمّرة الأميركية والطائرات الاستراتيجيّة وحسب، بل سيكون هناك "مدعوّون جدد"، لا سيما وأن طواقم عسكرية أميركية ماضية في إعداد مطار عسكري في مدينة الشدادي شمال شرق سوريا.
ما يعزز توجيه الإتهام بالمسؤولية لواشنطن، من المستويين العسكري والسياسي، التصريح الأخير لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 21 الشهر الجاري، بقوله "إن أكبر تهديد لسيادة سوريا ووحدتها يأتي من شرق الفرات"، أي المناطق الخاضعة لسيطرة (قوات سوريا الديموقراطية) المدعومة من قبل "التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن".
تكثيف واشنطن لحضورها العسكري في سوريا أوضحته شبكة "رووداو" الكردية يوم 20 الشهر الجاري، لا سيما في تمركز عدد من الشاحنات المحملة بالأسلحة والعتاد في محيط مدينة الحسكة ودخول "500 شاحنة أميركية محملة بالأسلحة والمعدات العسكرية لمناطق كردستان سوريا وشمال سوريا منذ مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الجاري"، أرسل قسم منها إلى منطقة "منبج" بريف حلب.
وأضاف المصدر الكردي أن لأميركا أكثر من 18 قاعدة عسكرية في سوريا وكردستان السورية بالإضافة لوحدات من قواتها الخاصة وفدت تباعاً.
في ظل هذه التطورات والصدام يلوح في الأفق، أعلن سلاح البحرية الأميركية، في 20 أيلول/ سبتمبر الجاري، وصول "مجموعة ضاربة من سفن الأسطول الأميركي تتقدمها حاملة الطائرات "هاري ترومان"، دخلت المتوسط وشرعت في تنفيذ عمليات تدريبية هناك".
يذكر أن حاملة "هاري ترومان" شاركت بقصف دمشق ومواقع سورية بصواريخ "توماهوك" في شهر نيسان/ أبريل الماضي. وتتضمن المجموعة، حسب قائدة الأسطول السادس الأميركي ليزا فرانشيتي، طراد "نورماندي" الصاروخي وعدد من المدمرات بالإضافة إلى "هاري ترومان" التي تحمل على متنها 9 مجموعات من الطائرات المقاتلة.
موسكو أعدّت رزمة "مفاجآت" للردّ على الضربات الأميركية-الأطلسيّة المُزمعة، موضحاً أنّ رد موسكو جاء بالكشف عن قدرات الطرّاد الصاروخي الروسي "مارشال اوستينوف"، المرابط بالقرب من السواحل السورية، والذي باستطاعته تنفيذ منطقة حظر جوّي في منطقة طرطوس وقاعدة حميميم بوسائل الدّفاع الجوي "أس300 إف "فورت"، والتصدي لأي صواريخ يحتمل إطلاقها عبر المجال الجوي اللبناني.
الاختبار هو في مدى الإجراءات الروسية الجديدة في سوريا عند اي محاولة اعتداء إسرائيلية مرتقبة على السيادة السورية، فحادثة سقوط الطائرة الروسية تفرض إعادة النظر بالمقاربة الروسية المتساهلة لتاريخ التعامل مع "الكيان الإسرائيلي".