شعار ترامب لانتخابات 2020 جاهز: «Keep America Great» 
.. بقلم: روزانا رمال

شعار ترامب لانتخابات 2020 جاهز: «Keep America Great» .. بقلم: روزانا رمال

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٣ مارس ٢٠١٨

منذ قرابة شهر نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية مقابلة أجرتها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما مفاده استعداده لمعركة الانتخابات الرئاسية المقبلة وجهوزيته لذلك وإعلانه أنه تم تحديد الشعار المقبل لحملته الانتخابية المقبلة عام 2020 أي بعد قرابة 3 سنوات ليعيد قبل أيام الحديث عن حماسه لمواجهة المرشحة الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري في هذا السباق. ويطلق شعاره الجديد «حماية أميركا عظيمة» بعد أن كان شعاره السابق «إعادة العظمة لأميركا مجدداً».
 
عدا عن أن ترامب يستبق الاستحقاق في ما قد يراه البعض تسرّعاً بشكل أو بآخر إلا أن ما يدور يؤكد أن هذا الهاجس هو هاجس الرئيس الأميركي منذ اللحظة الأولى لتسلمه مهامه في الولاية الاولى بحيث تصبح كل إنجازاته مكرّسة من أجل ضمان الفوز بولاية ثانية وتصبح الإنجازات الاستراتيجية أكثر أهمية ودقة بالنسبة للبيت الأبيض المفترض ان يحفظ حضور رئيسه بكل الممكن.
 
غالباً ما يلجأ الرئيس الأميركي إلى التفتيش عن إنجازات تمكّنه من البناء على أساس هذه الآمال والوعود. وبالعودة إلى الرئيس باراك اوباما، فإن ولايته الاولى الحافلة 2009 سبقها طوال فترة الحملة الانتخابية تأكيده نيته إنهاء بعض القضايا بسرعة مثل إنهاء الحرب على العراق، وزيادة استقلال الطاقة، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة.
 
فأعلن في شباط 2009 أن العمليات القتالية في العراق ستنتهى في غضون 18 شهراً، حيث قال بحضور مجموعة من رجال المارينز التي كانت تستعدّ للانتشار في أفغانستان إنه بقدوم 13 آب 2010 ستنتهي المهام القتالية في العراق!
 
حملة انتخابات أوباما لعام 2012 كانت كفيلة بإعادته رئيساً لولاية ثانية، خصوصاً بعد أن انطلق بمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يريح اللوبي الإسرائيلي الناخب ويطمئنه لمشروع التقسيم المأمول في المنطقة، فكانت ولادة المجموعات المتطرفة في بداية عام 2011 وهو الأمر الذي تكفل بالنسبة للحساب الإسرائيلي بالتضييق على ايران وسورية في المنطقة. وبالتالي دخل أوباما مجدداً في سباق المنافسة كمرشح أوفر حظاً ليتوّج ولايته الأولى بتنفيذ وعد أخذ الأمور إلى مكانها الذي أراده عبر مقتل اسامة بن لادن في عملية مشتركة مع الاستخبارات الأميركية في باكستان في 2 ايار عام 2011 فكانت الولاية الثانية.
 
هذه الإنجازات التي اعتبرها أوباما جواز سفير عبور لولاية ثانية ونجح، اعتبرها الرئيس ترامب إضعافاً لأميركا ومكانتها في العالم، خصوصاً لجهة سحب القوات الأميركية من العراق أو افغانستان أو إعلان النية بذلك فردّ عليها بإعلانه نية الإبقاء على القوات الأميركية في العراق وسورية في رغبة توسعية يكرّسها غالباً أعضاء الحزب الجمهوري يضاف اليها تقديم اعتمادات أضخم للإسرائيليين تتمثل بالتعهد بالالتزام بإعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل» ونقل السفارة الأميركية اليها. وهو الأمر المتوقع في شهر أيار المقبل. وفي ذلك حجز اللوبي الإسرائيلي الأميركي سلفاً نحو دعمه لولاية جديدة مضمونة من قبلهم، أما للداخل الأميركي فاتفاقات من النوع التي استكملها أوباما في توقيع مخرج للكيميائي السوري مع الروس. وبعدها الاتفاق النووي مع طهران إضافة إلى المصالحة مع كوبا كلها ملفات جعلت منه رئيساً استثنائياً سيذكره التاريخ، خصوصاً الأميركيين من أصل أفريقي الذين يمثلهم أوباما. ويبدو أن ترامب قرّر الدخول من بوابة ملفات الطاقة كتلك التي عوّمت اوباما واختار الملف النووي الكوري الشمالي الذي يؤكد الاهتمام الأميركي المكثّف فيه أنه أولى أولويات البيت الابيض. فكيف بالحال إرسال مبعوثين أميركيين بمظلة أممية وبدونها، وأبرزهم المبعوث جيفري فيلتمان الذي يحاول تفنيد تفاصيل الملف الذي يشبه إلى حدّ ما الحالة الإيرانية التي سمحت لفيلتمان دخول طهران، ولقاء المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي قبل أن توقع إيران مع الدول الست إنجازها؟ وأكثر ما يفسّر ان ترامب لا ينوي التخلي عن الاتفاق النووي الإيراني بالرغم من التهديدات رغبته بتوقيع اتفاق آخر استناداً عليه على أساس أنه سابقة أميركية صارت ضرورة في الوقت الراهن.
 
وعلى هذا الأساس يصبح ترامب أكثر تأثيراً بالمرحلة المقبلة، لكنه بدا وكأنه قدّم اعتماده للقيادة الإسرائيلية مبكراً فعوضاً عن إلغائه الاتفاق النووي الايراني الذي يبدو صعباً من الجهة الاوروبية وحتى أميركياً، حيث ترفض الغاءه جهات نافذة كبرى منعاً لردود فعل عكسية تخرج واشنطن من السيطرة قام ترامب بتبني سياسة بلاده التصعيدية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وسحب بلاده من فكرة أنها مفاوض وسطي أو حيادي ليعلن اقتناعه بضرورة إعلان القدس عاصمة إسرائيلية. وهو ما يتكفل بالتعويض الكبير لدى الإسرائيليين القلقين على مصيرهم وسط تصاعد النفوذ الروسي في المنطقة، وما يعنيه ذلك من توجه إيران نحوه أيضاً. وبالتالي، فإن توقيع ترامب هذ القرار يعني توقيعاً أميركياً على حماية «إسرائيل» كالتزام بوجه اي تطور في المنطقة التي سارت الامور فيها عكس المأمول في ما يتعلق بتقويض القوة الإيرانية، وخصوصاً حليفها حزب الله.
 
يؤكد شعار ترامب بشعاره لحملته المقبلة «حماية أميركا عظيمة» أنها ستكون كذلك في ولايته الاولى التي ترجمت أن استراتيجيته هي التصعيد والمواجهة. وهي العقلية الأميركية السائدة التي تؤمن بان الانكفاء هو خسارة لهذه المكانة بغض النظر عما إذا كان ذلك سيتعدى كونه حساباً أميركياً شكلياً ام لا، بعد ان اعلن الرئيس الروسي مفاجأته ذات العسكرية التقنية العالية التي صارت تتمتع بها بلاده.
 
ترامب جاهز للانتخابات وبتقديم اعتمادات مبكرة للحليفة الأهم «إسرائيل»، فهل سيشكل له ذلك هامشاً لحرية حركة أكبر في باقي الملفات، خصوصاً سورية في المرحلة المقبلة؟