بناء الإنسان بين التعليم والإعلام..!!؟.. بقلم: سامر يحيى

بناء الإنسان بين التعليم والإعلام..!!؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٩ مارس ٢٠١٧

رغم ما تعرّضت له سوريتنا من دمار واستنزاف لثرواتها ومواردها المادية والبشرية، أثبتت مؤسساتها الوطنية قدرتها على الصمود والتماسك، والحفاظ على الحد الأعلى الممكن من قدرات وإمكانيات النهوض والبناء وإعادة الإعمار، مستندةً لتاريخ سورية العريق، وشعبها المبدع الصامد، وجيشها الوطني المؤمن بانتصار القضية، وبقيادةٍ تعمل جاهدةً لتحقيق أهدافه.
لكن البعض وللأسف في بعض مفاصل المسؤولية، يعملون بقصدٍ أو غير قصد، على إهمال واجبهم والقيام بدورهم الأساس، بل ونسف التاريخ العريق بحجج لا منطقية وإن كان شعارها "خفض الهدر والنفقات وإعادة البناء والإعمار"، والمزعج للموضوع أكثر أن بعض المسؤولين يعلمون ويعترفون بأن القرار خاطئ ويصرّون على تنفيذه، والغالبية تقول يوجد هنا فساد وهنا فساد، وكان على المؤسسات أن تقوم بهذه المهمة وتلك، ويتجاهل أنّه جزءٌ من المؤسسة، ولا بد من تحقيق التكامل والتعاضد بين أبناء المؤسسة، وتقوية أواصر المحبة والتواصل لا الصراع والخلاف والمشاكل تحت حجج واهية لا منطقية.
إن مناسبات آذار ونيسان تذكرّنا بضرورة قيام كل منا بدوره للحفاظ على ما تم إنجازه عبر تاريخ سوريتنا الطويل مروراً بثورة آذار التي استكملت بمسيرة التصحيح وتوّجت بمسيرة التطوير والتحديث، لا أن نساهم مع أعداء الوطن بنسف كل هذا التاريخ، الذي هو السبب الأساس لتكالب الأعداء علينا، الذي بعد أن فشل بكل الطرق استعان ببعض أبناء الوطن، ممن ضلّوا الطريق، أو تم استغلالهم، والأسوأ أن تم استغلال بعلم أو غير علم من قبل بعض من هم في سدّة المسؤولية، متجاهلين أن الوطن يجب أن يبنى بتعاون كافّة أبنائه لا بإقصائهم وإبعادهم تحت حجج واهية لا منطقية، وبالعمل الوطني والنتائج على أرض الواقع، لا بالأمنيات والتسويفات والحجج والشعارات المعسولة اللامنطقية.
وللأسف مطروح الآن لدينا موضوعين في غاية الأهمية، وهما إن جئنا للواقع المنطقي أساس نهوض أي بلدٍ، فكيف ببلدٍ يواجه حرباً إعلاميةً ضروساً لتأليب أبنائه ضدّه، وحرباً فكرية هدفها إبعاد أبنائها عن مقاعد العلم والتعلّم ورميهم لبراثن المستغلين مادياً ومعنوياً، وبدلاً من البحث العلمي والإنتاج الفعلي، يبحثون عن لقمة الطعام، أو شهادة إيواء، أو بطاقة لجوءٍ، وحتى البحث عن فرصة عمل خارج وطنهم...
إن عملية بناء الإنسان والوطن، تنطلق من الثوابت الوطنية والمبادئ الراسخة، والإعلام هو الأساس في تثقيف وتأهيل وتوضيح الصورة، وتسليط الضوء على الإنتاج وفضح كل من يحاول تفتيت واستنزاف سوريتنا وخيراتها، وإبعادها عن قلبها العربي النابض ومحيطها الإنساني، وتفتيت هويتها الوطنية التي أساسها كل مواطنٍ يقطن الأرض السورية ويؤمن بها دون استثناء، فالعروبة هي القلب النابض يستمدّ قوته من كل الانتماءات القومية والدينية والوطنية والعقائدية والعرقية دون استثناء أحد، والعمل بجرأة ضمن الثوابت والمبادئ والقيم الوطنية. وكان من الأجدى للمسؤولين عن قطّاع الإعلام في خضم مكافحة الترهّل والفساد الإعلامي العمل على طي قرارات إلغاء منابرها الإعلامية (الأولى، الثانية، صوت الشعب، تلاقي)، وما سمّي زوراً "الفائض" الذي أفقد الثقة بين الحكومة وإعلامها، بين الإعلاميين فيما بينهم، وسمح بتبادل الاتهامات بين مسؤولين وإعلاميين، بدلاً من البحث عن أفضل السبل لتطوير الإعلام والاستفادة من دور كلٍ منهم في مواجهة الحرب الإعلامية التي تحاك ضد الوطن، ووضع استراتيجية نهوضٍ حقيقية نابعة من المبادئ والثوابت الوطنية الراسخة، فمن غير المنطقي أن تقوم مؤسسة بدمج مديريتين في محافظتين بحجة ضغط النفقات وتقليل الهدر ونقل الموظّفين لمؤسسة ثانية بدلاً من العمل على تأهيلهم وزيادة إنتاج المؤسسة، لا سيّما أن الهدف الأسمى لوسائل الإعلام في ظل الحرب الشرسة على سوريتنا، استقطاب المواطن السوري لا سيّما من ضل الطريق، وتوطيد الأواصر مع المواطن الصامد المتشبّث بأرضه ووطنه ليكون عوناً لوطنه، ولإيصال الرسالة للخارج مغترب أو أجنبي ليكون بصورةٍ حقيقية وواقعية عن سوريتنا وحجم ما تتعرّض له من ظلم ومحاولات استنزاف، بعيداً عن التناقضات والمصالح الشخصانية أو الخوف الوهمي أو طلب توسيع الهامش بالرغم من عدم استخدام الهامش المتاح .
والبحث الثاني الذي يحتاج بكل تأكيد فصول طويلة للنقاش به، تطوير التعليم العالي، فهل انتهينا من عملية وضع الأسس والمعايير وحاجة القطر من الاختصاصات العلمية والأدبية والفنية وتطوير مركز البحوث التي تساهم في إعادة الإعمار إلى ما هنالك من تأهيل وتوسيع ما هو موجود لدينا، لا سيّما بعد أن تم افتتاح نظام التعليم المفتوح والتعليم الموازي والتعليم الافتراضي، والبدء في الشهر السادس من كل عام بوضع أسس القبول وحاجة كل كلية واختصاص للطلبة، ليتم وضع  مفاضلة القبول الجامعي على أساسها، لكي تستكمل كافّة المفاضلات مع بداية الشهر التاسع من كل عام، وبالتالي يكون العام الدراسي منتظماً ويستفيد الطالب من كل يومٍ دراسي، لا سيّما بعد صدور مفاضلة الاولى والثانية والموازي والمفتوح والجامعة الافتراضية، وملء الشواغر ... إلى ما هنالك.. بدلاً من أن نقسّم جامعة دمشق بتاريخها العريق إلى جامعة دمشق الأولى وجامعة دمشق الثانية.
إننا أحوج ما نكون للحفاظ على مؤسساتنا وجذورها التاريخية، فمن غير المنطقي تغيير تاريخ التلفزيون العربي السوري 23 تموز 1960، لنقول نشأت القناة على أنقاض أو استبدلنا الاسم، كما أنّه من الإجرام استبدال اسم جامعة دمشق العريقة التي تأسست عام 1923، لنقول جامعة دمشق الأولى، عدا عن نفقات الفصل والانشاء والتأسيس وضياع الوقت في تفعيل ذلك..
إننا بأمس الحاجة للحفاظ على مؤسساتنا الوطنية، والعمل على تطوير أدائها وهيكليتها، ومن ثم تلقائياً سنجد الباب مفتوحاً للتوسيع وإنشاء الجديد، فلو قرأ كل منا النظام الداخلي لمؤسسته لوجد فيها الكثير الكثير من الإيجابيات التي لم يلتزم بها، وحتى قد لا يعلم مدير تلك المؤسسة وغالبية العاملين أنها موجودة، فالتطوير والتحديث ومكافحة الفساد ومنع الهدر وضغط النفقات، يجب أن يمرّ بطريقه الصحيح لا بطرقٍ ملتوية، وعقد جلسات جدية وحقيقية للبحث عن أكثر السبل التي هي مصدر الفساد والترهل والنفقات الزائدة، انطلاقاً من دراسة موازنة العام الماضي، للوصول للهدف المنشود بعيداً عن التصريحات المعسولة المسمومة.