لا شيء من فراغ..؟.. بقلم: سامر يحيى

لا شيء من فراغ..؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ١٨ نوفمبر ٢٠١٦

كل نتيجة لها سبب، والمعطيات السليمة تؤدي إلى نتائج سليمة، سواء في حياتنا المادية أو المعنوية أو العمل أو أي من مجالات الحياة، وكما يقول المثل العربي لا نار بلا دخان، وإن حصل بعض الدخان الوهمي، فقد يكون بسبب إشعال النار من قبل من حولك من دون أن تنتبه فتلصق بك، وهنا عليك البحث عن النار التي سبّبت إشعال هذا الدخان.
معالجة هذه المشكلة بالتأكيد ليست سهلة، ولكنّها بنفس الوقت ليست صعبة، إنّما تحتاج أن يتحلّى كل منّا بحسن الإدارة والإرادة، بالحكمة والحنكة، بالبحث والتفكير الجدّي، للوصول للهدف المنشود ضمن إطار مصلحة الوطن، فلا يمكن لأيٍ كان أن يشوّه سمعة الوطني، أو يحاول إلصاق التهمة فيه، وعندما يحاول أحدهم فعل ذلك علينا البحث عن السبب، والهدف من أجل تفاديه، وإيجاد الحلول له كي لا يتمّ إهماله تحت حجّة النيل من هيبة المؤسسة والوطن، ومن ثم تكون قد شوّهت سمعة المؤسسة من دون أن تستطيع تلافي آثارها السلبية إلا بعد فوات الأوان، ولا سيّما لدينا من الوسائل والسبل والإمكانيات، مهما كانت بسيطة لكنّها قادرة على ابتكار أفضل السبل للوصول للهدف المنشود.
إنّ أحوج ما يجب أن نعمل عليه، ونسعى لتفعيله من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا، هي تنمية الموارد البشرية، لأنها المدخلات الرئيسية، ما يتطلّب العمل ليقوم كل فردٍ بدوره من مكانه وضمن اختصاصه، وتأهيله وتطوير أدائه ليكون بالمكان المناسب، فمن المعيب بل الخطأ القاتل الذي يقع به المسؤول، هو الادعاء بعدم تلبية موظفي مؤسسته لطلباته، وعدم قدرتهم على أداء المهام المنوطة بهم، للقيام بدورهم البنّاء بالمؤسسة، وعدم خبرتهم وقدرتهم على العطاء والإبداع، متجاهلاً أن دوره كمدير مسؤول هو تنمية وبناء وتأهيل موظفيه ليقوموا بالمهام المنوطة بهم على أكمل وجه، وبالتالي قيام المؤسسة بالدور المنوط بها، رغم كل الظروف والتأثيرات والمؤثرات، العوائق والتحديّات، وإلا لمَ سمّي مديراً أو مسؤولاً عنهم؟!! وإذا لم يكن دوره ومؤسسته تجاوز العقبات والأزمات والتحديّات، لماذا تم إنشاء المؤسسة بهذا التخصّص أو ذاك؟؟!!!
وأهم المدخلات التي يجب أن تكون في ذهن صانعي القرار ومعدّيه، أن تشمل مخرجات قابلة لكي يلمس نتائجها المواطن على ثلاث مراحل، آنية سريعة يلمس نتائجها على أرض الواقع مباشرةً، ومتوسطة المدى، والتي يلمس نتائجها الأكبر والأكثر تأثيراً مع مرور الأيام، أما الثالثة وهي الاستراتيجية التي تأتي الفائدة المطلقة والهدف المنشود بشكلٍ كلي، وتطوير الأداء للوصول للهدف الأسمى بما يساهم بتحقيق مصلحة الوطن. فمن الخطأ الكبير أن تدّعي المؤسسة أنّها تعمل للمدى الطويل، لأن عليها العمل في إطار المراحل الثلاث، فمن حق المواطن أن يلمس نتائج ما تتخذه المؤسسات بشكلٍ فوري، إضافةً للهدف المتوسط والاستراتيجي للمؤسسة، ولاسيّما أن سوريتنا هي دولة مؤسسات ولا يمكن تأجيل موضوع أو فكرة أو دراسة على حساب أخرى، فكلٌ له دوره الذي عليه أن يؤديه ويبدع به، ولا ينتظر أيّ أمورٍ أخرى مهما كانت الحجج والمبرّرات، فكل تسويف أو تأجيل أو تحميل مسؤولية بسبب ظرف آخر، ما هو إلا تهرّب من المسؤولية وبشكلٍ مبطّن تدمير ممنهج للمؤسسة التي يعمل بها تحت مبررات لا تمت للوطنية بصلة..
مصلحة الوطن لا يمكن تحقيقها إلا بمصلحة أبنائه، ومصلحة أبناء الوطن بتحقيق مصلحة مؤسساته من دون استثناء، ومؤسسات الوطن هدفها النهوض به، والنهوض بمؤسسات الوطن يحتاج إلى النهوض بمؤسساته، وتكاتف مؤسساته الحل الوحيد للوصول للهدف المنشود، ويحصد المواطن ثمار عمله بنهوض وطنه لتطوير الأداء وبناء وطنه وحمايته ليبقى مستقلاً سيداً حراً بعيداً عن التبعية والذل والخنوع.
إذاً نستنتج أن من الخطأ الفادح، أن يقول المسؤول ولا سيما في المجال الاقتصادي، أن القرار سيؤتي مردوده في المستقبل، فما المقصود بالمستقبل، هل يعقل أن تكون لشيء ما أو قرارٍ ما فائدة بعد عدّة سنوات، ولا نستطيع أن نلمس دوره خلال اليوم، على الأقل البوادر المبدئية، هذا الكلام يقال لتطوير الأداء، وليس حول لمس النتائج، فبناء الجيل لن يحتاج لسنوات بل يبدأ من اللحظة بتأهيل المدرّس بدءاً من المرحلة الابتدائية وصولاً لمرحلة الدراسات العليا، وبالتالي فعند خروج الطالب من مدرسته من المفترض أن يكون اكتسب ولو فكرة بسيطة من مدرّسه، ومع الزمن تترسّخ، أي نتائج آنية سريعة، ونتائج مستقبلية، وكذلك الموظّف الذي يقوم بأداء عمله، بداية يلمس المواطن نتيجة أدائه، ومع الزمن يتطوّر ليصبح بشكلٍ ممتاز ويختصر الوقت والجهد والمال... فالمواطن بالتأكيد لن ينام في الدوائر والمؤسسات إنما يراجعها مرّة أو مرتين في العام أو حسب الحاجة، إذاً سيلمس النتائج فوراً، ولا يحتاج إلى سنوات ليلمس النتائج وإلا ...؟! فالمشكلة في ظهور النتائج بعد وقت تتحمّلها الإدارة، التي تتطلب تفعيل عمل كل موظّفيها من دون استثناء، وعدم اتكال أحدهم على الآخر، فكل له دوره وموقعه، ولذلك أفضل ما يتم اختياره لتطوير عمل المؤسسات، تفعيل دائرة العلاقات العامة والمتابعة، التي تستطيع التحكم بالمدخلات وسيرها وصولاً للمخرجات الحقيقية التي تؤدي للهدف المنشود منها لمصلحة المؤسسة ومصلحة الوطن كله. في إطار عملٍ مستديم لتطوير وازدهار الوطن واستقراره.