الرقابة للتقويم لا للتخوين؟! .. بقلم: سامر يحيى

الرقابة للتقويم لا للتخوين؟! .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ٢١ أكتوبر ٢٠١٦

الرقابة على حسن سير الأداء والالتزام بالقانون، وتصحيح المسار وتخفيض الهدر ورفع الكفاءة، ليلمس المواطن نتائج عمل المؤسسة على أرض الواقع، وليست سيفاً مسلّطاً على رقاب الموظف الحكومي أو المواطن، ولا كابوساً يرهق كاهله ويجعله في وضع نفسي سلبي متوتّر بشكلٍ دائم، ولا ليستخدمه الانتهازيون للابتزاز والانتقام وتحقيق مصالحهم على حساب الوطن والمواطن.
بكل تأكيد لا يمكن للموظف القيام بدوره إن لم يكن يشعر بالراحة النفسية والمادية بآنٍ معاً، وأن يكون قد خضع لتأهيل وتدريب مناسبين، ليستطيع الإلمام بكل تفاصيل عمله، والإدراك أن واجبه هو خدمة وطنه، طالما قبل الانتساب لهذه المؤسسة، وهو يعرف مرتبها مسبقاً، ودوره البحث عن أفضل السبل لتطوير عمله وأدائه، ليعود نتاج العمل لمصلحة المؤسسة ومن ثمَّ لمصلحة الوطن، وليس البحث عن موارد غير مشروعة لتشويه سمعة مؤسسته، والعمل على تراجع أدائها، وكذلك تدمير موارد الوطن تحت شعارات مزيّفة شتى، وهذا دور دائرة الرقابة بكل مؤسسة، التي دورها متابعة أداء الموظّف لكيلا يستغل الدور المطلوب منه بشكلٍ سلبي، وليس انتظار ما يرفع لها من كتب وتقارير وشكاوى لمعالجتها، بل المتابعة الجدية لمنع اضطرار الموظف أو المواطن لتقديم شكوى، ومعالجة الخطأ المقصود أو غير المقصود قبل أن يصل إلى مرحلة لا يفيد معها أي علاج، سوى إقالة هذا الموظف أو ذاك، وتجاهل الخسارة التي ألحقها بالمؤسسة طوال فترة عمله بها.
فالمتابعة الحثيثة، والمراجعة الدقيقة لعمل المؤسسة وعامليها وسجلاتها بشكلٍ دوري وشبه يومي أو شهري كحدٍ أقصى، يساهم بحماية المال العام، وتطوير الأداء الحكومي، ورفع عملية الإنتاج، بما يلمس المواطن نتائج عمل المؤسسة، من خلال الاستقرار والأمان وتوافر الخدمات والمنتجات التي يسعى إليها، ورؤيته تعزيز سيادة القانون.
من هنا تأتي أهمية تكاتف الجهود بين دائرة الرقابة بكل مؤسسة حكومية، والجهات العليا، ولاسيّما أن لدينا جهتين مخوّلتين بالرقابة، الأولى الجهاز المركزي للرقابة المالية، والذي مهمته متابعة الأداء المالي لكل مؤسسة، وكذلك الجهاز المركزي للرقابة والتفتيش، والذي دوره متابعة الأداء الإداري، فتفعيل دور الرقابة الداخلية، والرقابة المالية ضمن كل مؤسسة، وبشكل متتابع هو الذي يضمن تنفيذ موازنة المؤسسة بالشكل الأمثل، ولاسيّما إذ اعتدنا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الموازنة بصرف ما تبقى تحت شعار أفضل ما ترجع للخزينة، وكأنّما هناك فرق بين المؤسسة والخزينة العامة للدولة، وليس الهدف واحداً بناء الوطن والنهوض به، عدا قدرة المنافق والانتهازي الدفاع عن موقفه ووضعه وإقناع الآخر، بعيداً عن المنطقية والوطنية، وإن كانت بشعارات وطنية، ما يتطلّب العمل بكل جهد للوصول للهدف المنوط من تلك الدائرتين.
تحقيق الاستقلالية لدائرتي الرقابة المالية والداخلية بكل مؤسسة، مع تابعيتها للجهة العليا، باعتبار متابعة أداء وعمل المؤسسة يحتاج من مدير المؤسسة وصولاً لموظّف الاستعلامات.
المتابعة الدورية لأداء المؤسسة، من دون انتظار تقديم المواطن أو الموظّف الشكوى.
معالجة الشكوى التي يقدمها المواطن أو الموظف الحكومي بشكلٍ سري ومن دون اطلاع المسؤول أو المشكو إليه باسم المشتكي، لأنها تصبح وقتها كيدية، والكثير يخاف على مستقبله من تهديدات تأتيه من خارج عمله لشكواه ضد الموظف أو المدير.
عدم إحالة الشكوى للمدير المشكو منه أو أحد موظّفيه، بل متابعة الموضوع بطرقٍ كثيرة، ولا تكاد تخلو المؤسسات الحكومية منها، فغالباً ما تقدّم الشكوى ضد موظّف وترفع للمدير لعلاجها، فيكون المدير شريكاً لهذا الموظّف أو واجهته المباشرة، ما يؤدي لتقديم تبريرات يعكس بها الآية وتصبح الشكوى معكوسة تماماً، ما يؤدي لشراسة الفاسد، وتشويه سمعة المؤسسة، ويأس المواطن من عملية إصلاح تحصل، وللأسف هذه نراها بشكلٍ كبيرٍ جداً، وغالباً ما يقع الضحية شخص لا علاقة له بالموضوع، تحت شعار مكافحة الفساد. 
عدم تجاهل تقييم الموظّف على نتيجة عمله وليس فقط على رأي مديره المباشر، للقضاء على الشخصانية في التعامل.
إن تفعيل دور الرقابة الداخلية والرقابة المالية بكل مؤسسة، كفيل بأن نقضي على الهدر والفساد، وأن نلمس نتائج عمل مؤسساتنا على أرض الواقع، وألا يشعر المواطن الذي يراجع المؤسسة الحكومية بأنّه يصرف الوقت والجهد والمال لحقيق غايته، وألا يحتاج موظّف للشكوى ضد مديره لكي يفرض عليه القيام بعملٍ ما، أو منعه من ذلك....وتحقيق وفرٍ كبيرٍ في موازنة كل مؤسسات الحكومة من دون استثناء.