قبعة السلطان وقبعة الحاخام .. بقلم: نبيه البرجي

قبعة السلطان وقبعة الحاخام .. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

السبت، ١٠ سبتمبر ٢٠١٦

قلنا لقدخلع قبعة السلطان، للتو ارتدى قبعة الحاخام؟ هذا حين تكون دولة ما في قبضة الاحصنة الخشبية - الاحصنة البلهاء ام الاحصنة المجنونة؟
من يستطيع ان يقنع رجب طيب اردوغان، هنيئاً برقصة الدراويسش وهنيئاً برقصة حفاري القبور، ان سوريا لا تحكم من اسطنبول، ولا تحكم من اورشليم، دون ان يعنينا اي نظام يحكمها الآن ما دامت الجغرافيا تتحطم، وما دام التاريخ يتحطم، وما دام الناس يتحطمون..
الا يكفي المهرج الدوران حول الحطام لكي يقيم شريطاً حدودياً في شمال سوريا بعدما استوحى الفكرة من مناحيم بيغن الذي اقام شريطاً حدودياً في جنوب لبنان؟
شريط حدودي بطول يتجاوز المائة كيلومتر، وبعرض يتعدى الاربعين كيلومتراً ليتقاطع مع شريط حدودي يتطلع اليه بنيامين نتنياهو..
نتنياهو الذي عبأ اللوبي اليهودي عشية  الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة من اجل تثمير «الفائض الجغرافي» السوري في توسيع المملكة الاردنية الهاشمية، وبالتالي نقل سكان الضفة الغربية الى حوران..
حسناً، كان افيغدور ليبرمان يخطط لنقلهم بالحاويات الى البحر الميت، وحيث الموت الابدي، على ان يدفع بسكان قطاع غزة الى شبه جزيرة سيناء...
حتى الآن لم يدرك اردوغان، وقد تزعرعت الدولة في تركيا وتزعزع النظام في تركيا، ان واقعة الحرائق على الارض السورية لا بد ان تنقل الحرائق الى عقر داره، الذي حدث انها انتقلت الى غرفة نومه...
ربما كان علينا تذكيره، ولدينا القليل القليل من الامل في ان يعود الى صوابه، بانه ليس قطعاً اكثر براعة من الاسرائيليين في تصنيع الاشرطة الحدودية، ولا في استقطاب الاتباع والعملاء، ولا في اثارة الغرائز وبرمجتها، ومع ذلك كان لديفيد غروسمان ان يسأل «هل يليق بجنودنا ان يعودوا الينا كما القطط المذعورة؟».
وقلنا ان اردوغان، وعقب تلك التجارب المدمرة، لا بد ان يدرك في نهاية المطاف ان اللعبة انتهت، وان من مصلحة الجيش التركي ان يمد اليد الى الجيش السوري من اجل ان تعود سوريا الدولة الصديقة، الدولة الشقيقة، فاذا بالرأس الذي على كتفيه لا يمكن الا ان يكون رأس السلطان او رأس الحاخام...
من الايام الاولى ظهرت ارتدادات الشريط الحدودي. غداً يذهب ابعد في اللعبة القذرة، هكذا تماما فعل مناحيم بيغن الذي جعل الشريط الحدودي يمتد حتى  بيروت. خطة اردوغان الوصول الى حلب في سوريا، والى الموصل في العراق...
ألم يكن هذا حلم المفاوضين الاتراك في مؤتمر لوزان عام 1923، وفي مؤتمرات أخرى غداة الحرب العالمية الاولى؟ الآن يستيقظ الحلم إياه على أنقاض سوريا وعلى انقاض العراق...
هل يتأمل الرئيس التركي في يديه ليرى ان من يقبض على الجمر لا بد أن يقبض، في نهاية المطاف، على الرماد؟ لا نتصور ان الرجل يقرأ ما يكتبه في العالم الباحثون في الشأن التركي.
هؤلاء الذين يقولون ان القلب التركي مات، يقولون ايضاً ان العقل التركي مات، عشرات آلاف الجنرالات والقضاة والاكاديميين والصحافيين والمثقفين إما وراء القضبان أو وراء الوحول. هؤلاء هم النخبة في تركيا وقد اندثرت، مثل اي نظام توتاليتاري آخر. هذه ارض لا تتسع الا لقدمي رجل واحد، لرأس رجل واحد...
مثلما ماتت السلطنة يموت السلاطين، لعل اردوغان قرأ ما كتبه ناظم حكمت «انهم يضعون الشموع على ظهور السلاحف». هذه هي نهاية الاحصنة البلهاء، الاحصنة المجنونة. من الآن بدأ تدمير المدرعات وقتل الجنود في الشريط الحدودي، أليست هي الصورة التي تتكرر قبل ان يحدث في الشمال السوري ما حدث في الجنوب اللبناني؟
بعد قبعة السلطان قبعة الحاخام أو قبعة المهرج، في آخر الطريق لا رأس هناك ولا قبعة!!
الديار