الخلافات الروسية الإيرانية حول الميدان السوري..

الخلافات الروسية الإيرانية حول الميدان السوري..

تحليل وآراء

الجمعة، ١٠ يونيو ٢٠١٦

عمر معربوني - بيروت برس -
منذ شهر أو أكثر والكلام عن خلافات روسية ايرانية يتصدر عناوين الحديث عن الميدان السوري، وتكاد تكون النقطة الأساسية في هذا السجال هو موقف روسيا وايران حول الهدنة التي أدّت برأي البعض الى نتائج سلبية على الجيش السوري تمثلت في سيطرة الجماعات المسلحة على تل العيس وخان طومان، وبرأي البعض الآخر انها كانت ضرورة لا بدّ منها لإستنفاذ اوراق الضغط على الجانب الأميركي، رغم أنّ الرغبة الروسية كانت حول الهدنة منطلقة من قناعة أنّ ما وصلت اليه خرائط السيطرة يكفي للشروع بمفاوضات جدية لإرساء حل سياسي نهائي.
وانطلاقًا من هذه الفرضية، لا بدّ من الإشارة الى مسألة في غاية الأهمية وردت في خطاب الرئيس السوري حول العلاقات السورية الروسية الإيرانية، وهي ما يجب البناء عليه في النظرة الى هذه العلاقات في بعدها الإستراتيجي المتعلق بالمواجهة الدائرة في المنطقة حيث حسم طبيعة هذه العلاقات وثباتها وهو الأهم، رغم ان البعض اعتبر كلام الرئيس الأسد في خطابه الأخير سجالًا غير معلن مع الروس حول الموقف من الهدنة، رغم ان الرئيس الأسد اعتبرها على رغم سلبياتها اتاحت الفرصة للجيش السوري بإعادة تجهيز القوات واعدادها وهو ما جاء على لسان وزير الدفاع الإيراني خلال لقاء وزراء دفاع البلدان الثلاثة في طهران لجهة عدم ممانعة ايران بتثبيت وقف اطلاق النار اذا لم يشكل ذلك فرصة للجماعات المسلحة بتنظيم صفوفها وتعزيز قدراتها، وهو ما قاله ايضًا الوزير سيرغي لافروف في آخر تصريحاته.
وعليه، يمكننا القول إنّ التقارب في الموقف من الهدنة هو الذي يسود بين الحلفاء الثلاثة وخصوصًا في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، واي كلام عن خلافات حول هذه المسألة لم ولن يكون ابدًا في العناوين ولن يصل الى مرحلة الخلافات لترابط المصالح ووحدتها في مواجهة الخطر الإرهابي، علمًا بأنه يجب التذكير ان الحديث عن خلافات انطلق من وسائل الإعلام المعادية للمحور المقاوم.
وما الإجتماع الذي حصل في طهران وضم وزراء دفاع سوريا وروسيا وايران إلّا دليل على استمرار هذا الحلف في التنسيق على اعلى المستويات، إلّا أنّ لاجتماع وزراء الدفاع خصوصية ترتبط بالمواجهة وخصوصًا بعد حصول متغيرات جذرية في الميدان السوري تمثلت بتدخل عسكري مباشر من الناتو، حيث تواكب قوات خاصة اميركية القوات الكردية وإقامة فرنسا لمعسكر في عين العرب واعلان بريطانيا عن وجود جنود لها في سوريا اضافة الى تركيا التي اعلنت ذلك ايضًا.
هذا التطور بحد ذاته يعتبر سببًا مهمًا لعقد اجتماع على مستوى وزراء الدفاع لإعادة صياغة استراتيجيا المواجهة في ابعادها الكلية والتفصيلية، خصوصًا أنّ مواكبة القوات الأميركية للقوات الكردية والتلويح بالوصول الى الرقة يعتبر مسارًا لا يمكن تجاهله من حيث تبعاته السياسية المرتبطة بالمشروع الأميركي.
العنوان الرئيسي للمرحلة القادمة هو استمرار المواجهة باساليب وآليات مختلفة، خصوصًا ان الجانب الروسي استنفذ كل الأوراق مع الجانب الأميركي الذي أبدى الكثير من الخبث والعبث والمناورة، في حين أنّ الروس تحلّوا بأعلى مستويات الصبر ازاء السلوك الأميركي.
الثابت الذي لا يمكن لروسيا وايران الإستخفاف به هو امكانية نشوء كيان مستقل للأكراد في شمال سوريا يخرج عن سلطة الدولة السورية ويرتبط مستقبلًا باقليم كردستان العراق، ما يؤدي الى ترسيخ ممر عبور حرّ للأميركيين نحو القوقاز وهو ما سيهدد مصالح روسيا وايران في عقر دارهما، وفي اية اجراءات مواجهة قادمة سيكون ضمنًا الرد على الترويج لخلافات بين روسيا وايران حول النفط وهو امر تكذّبه طبيعة الإتفاقيات الروسية – الإيرانية وخصوصًا في الجانبين الإقتصادي والعسكري.
إذًا، ماذا يمكن ان نسمي ما يتم الترويج له من خلافات بين روسيا وايران؟
وان وجدت فهي ليست اكثر من تباينات حول مسارات تكتيكية مرتبطة بأولويات الميدان، يبدو انها عولجت قبل اجتماع وزراء الدفاع وتم وضع آليات متابعة لها عبر لجان فرعية عسكرية واستخباراتية ستتولى التنسيق بشكل اعلى وافضل لتلافي الدخول في اشكاليات تفصيلية ستبقى برأيي موجودة ولا ضير فيها طالما يمكن معالجتها، وهي في المناسبة امور يمكن ان تحصل في الجيش الواحد وليس بين الحلفاء.
أخيرًا وحتى لا نستبق الأمور، فإنّ نتائج الإجتماع الأخير في طهران ستعلن عن نفسها في الميدان سواء في جبهات حلب او على جبهة الرقة وفي جبهات اخرى من سوريا.