حتى القُبْلة.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

حتى القُبْلة.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

السبت، ٧ مايو ٢٠١٦

حتى القُبلة لم تنجُ من شرّالأمريكيين. ففي مدينة تكساس الأمريكية، أقيمت ذات يوم ليس ببعيد، مسابقة "أطول قبلة" مقابل رسم اشتراك مقداره عشرة دولارات أمريكية، وذلك في سياق مسلسل المسابقاتالمعروفة لدى الأمريكيين وبينها على سبيل المثال ما يتعلقبجمال الطيور، أو أناقة الكلاب، أو رشاقة السعادين في حدائق المنازل، وصولاً إلى المسابقة التي نحن بصدد الحديث عنها، مسابقة أطول قبلة.
وبطبيعة الحال، فإن مسابقةً من هذا النوع، كان لابد أن تجذب أعداداً كبيرة من سكان المدينة وجوارها، ولكن شرط أن يكون المتسابقون عبارة عن زوج وزوجته، قلل من عدد المتسابقين نوعاً ما، ومع ذلك جرت المسابقة في جو من الفرح على غرار مهرجانات تقام في مناسبات معينة، إحياء لذكرى وطنية أو اجتماعية وسوى ذلك من مناسبات تجمع بين الناس.
وكما لم يكن متوقعاً، فقد فاز زوجان بالجائزة، وهما في الخامسة والخمسين من العمر،ولكن بفارق سنتين لمصلحة عمر الزوج. استمرت المسابقة ثمانيةً وعشرين ساعةًإلى حين إعلان فوز الزوجين "بيتر" و "مدلين" ، بينما كان قد سقط في الامتحان أزواج في عمر الشباب بعد مضي أربع أو خمس ساعات، وآخرون مع بدء المسابقة. وكانت الجائزة ثلاثين ألف دولار وشهادة تقدير للزوجين الفائزين في المسابقة.
وحين سئل الزوج "بيتر" ما سرّ بقاء شفتيه على شفتي زوجته طوال ساعات المسابقة قال: بعد ثلاثين سنة من الزواج، تصبح القبلة وظيفة، ولا تهزّ كيان أي من الزوجين.
وهكذا يجري تشويه المفاهيم في الغرب الاستهلاكي، وأحياناً نخشى على أنفسنا من السقوط في مثل هذه التجربة  التي روجت في مدينة تكساس على أنها مجرد مسابقة لا أكثر، بينما توصيف القبلة، بأنها مجرد وظيفة، تجعل منها، في حال اعتماد هذا التوصيف، مجرد لحظة طارئة في سياق العلاقة بين زوجين ولا تعني شيئاً، لأن سنوات زواجهما  تخطت عدداً من السنوات.
لهذا الاعتبار، مسابقة أجمل كلب، أو أذكى ببغاء، أو أرشق سعدان،وسوى ذلك، تبدو مقبولة قياساً إلى مسابقة أطول قبلة التي لا تعني أكثر من أنها مجرد وظيفة. نعم حتى القبلة لم تنجُ من شرهم، إذ هكذا يتم  تشويه ما نعتبره - نحن العرب - من مكونات استمرار الأسرة محتفظة بحرارتها حتى نهاية العمر، وليس حتى سنة معينة من العمر.
ولكن ماذا يمكننا أن نقول أكثر من أن المجتمع الاستهلاكي يغامر حتى بالقبلة لجني المال؟
iskandarlouka@yahoo.com