كل التحية لأرواحهم .. بقلم: د. اسكندر لوقــا

كل التحية لأرواحهم .. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ١ مايو ٢٠١٦

ما يثلج الصدر دائماً وليس أحياناً، أن تجد إنساناً أو فريقاً من الناس يعترفون بما قدمته لهم من عون وخصوصاً في الأوقات العصيبة. وما يجعلك تؤمن بقيمة العون أنه من صفات القادر على العطاء ومن دون حساب.
على هذا النحو كانت سورية منذ أن لحق بالأرمن ظلم الحكم العثماني في بدايات القرن الماضي  وصولاً إلى آخر فصول الاعتداء عليهم في مدينة كسب في العام السابق. وعلى هذا النحو تبقى سورية  تقدم العون للإخوة الأرمن، بوصفهم جزءاً من نسيج الوطن العربي السوري.
إن التاريخ يروي الكثير الكثير عن معاناة الأرمن، في عهد حكام المنطقة من آل عثمان، وبطبيعة الحال كان لا بد أن يتعاطف السوريون معهم، لأنهم كانوا  بدورهم  يعانون من تبعات الحكم العثماني عليهم، وخصوصا الفئات المثقفة منهم الذين غادروا بلدهم  تجنباً للبطش بهم تحت ذرائع مختلفة.
إن القليل القليل مما لحق بالأرمن في زمن الحكم العثماني، حاولت هيئة إحياء الذكرى المئوية للإبادة الأرمينية، إلقاء الضوء عليه في سياق الأمسية الختامية لفعاليات إحياء هذه الذكرى في مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون مساء الرابع والعشرين من نيسان الحالي تحت عنوان " شكراً سورية".
ولم ينسَ أحد ممن  ألقوا كلماتهم في هذه المناسبة من على منبر المسرح، لم ينسَ أن يتوقف عند فتح سورية ذراعيها لتكون الحضن الدافئ للنازحين الأرمن من أراضيهم هرباً من بطش السلطات العثمانية وحقدهم على عرقهم. وقد حمّل سيادة مطران الأرمن الأرثوذكس في دمشق كلمته عن سورية كل معاني الوفاء لأهلها الذين لم يتوانوا عن تقديم كل عون ممكن لمن ساعده حظه في الوصول إليهم، ولم يلاقِ حتفه فوق رمال الصحراء المحرقة.
كان سيادة المطران أميناً على رسالة سورية التي سماها " سورية المقدسة " لقيامها بواجب احتضان أسلافه من الأرمن، وهي كذلك اليوم، تضمهم إلى صدرها مواطنين كانوا وسيبقون الأوفياء لها، سواء من هو مقيم على أرضها أو كان بعيداً عنها في المغتربات على امتداد الكرة الأرضية. وهو حين يشير إلى وحدة التراب الذي طهر بدماء شهداء الأرمن، ويطهر اليوم بدماء شهداء سورية، فإنما ليؤكد مجدداً وفاء الأرمن، بكل طوائفهم، تحت عنوان عريض سيبقى دائماً حاضراً في ذاكرة الأجيال الأرمنية القادمة هو: شكراً سورية.
فكل التحية لأرواح شهداء الوطن، من كل الأعراق والأجناس والأعمار، والخلود دائماً للوطن . 
Iskandarlouka@yahoo.com