الكمين ومكر التاريخ.. بقلم: كميل العيد

الكمين ومكر التاريخ.. بقلم: كميل العيد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ أبريل ٢٠١٦

ماذا جرى في بلادنا ؟... كيف آلت الأمور إلى ما وصلت إليه ؟.. ومن المسؤول؟.. أسئلة كثيرة تتزاحم في ذهن الإنسان العربي وهو عاجز عن الإجابة عنها والإحاطة بها وبأسباب حدوثها. قد نختلف وقد نتفق في بعض الأسباب ولكن لن نتمكن من الوصول إلى الإجابة التي تروي الغليل، لن نستطيع الوصول إلى الإجابة الصحيحة المسَلم بها، والسبب في ذلك هو مكر التاريخ. فالكمين والْمِصْيَدَةُ الذي أوقعنا فيها التاريخ تسببت في حدوث هذا اللَّبْس والغموض في الأَمر. فما جرى ويجري ليست مؤامرة مخطط لها لأن قوى الغرب الاستعماري ليست قادرة وليست متفرغة ولا مضطرة لحياكة مؤامرة كهذه، وما جرى ليس سببه أخطاء في الحكم فهناك دول وقعت فيها أخطاء أكبر بكثير من الأخطاء التي حصلت في الدول العربية التي تعرضت للتسونامي الأخير وبقيت في معزل عنه، وما جرى ليس سببه الابتعاد عن الديمقراطية، فهناك في الإقليم من لا يعترف أصلاً بالمبادئ الديمقراطية ويرفضها ولم يصله الزلزال الأخير، وما جرى ليس سببه عدم إقامة دولة الخلافة، حيث لا توجد على وجه المعمورة دولة خلافة مكتملة الأركان ومع ذلك الأغلبية يعيش بحالة سلم ووئام، وما جرى لم يكن سببه الصراعات بين التيارات القومية والإسلامية والعلمانية ولم يكن سببه الصراعات بين التيارات الإسلامية نفسها بل كانت هذه الصراعات نتيجة له. الذي جرى سببه باختصار الكمين التاريخي الذي نصبه لنا مكر التاريخ وغدره، نصبته لنا الجغرافية وامتداداتها، نصبته لنا الطاقة وتداعياتها، نصبته لنا حربان عالميتان دفعت فيهما البشرية أكثر من مئة مليون ضحية، نصبه لنا احتلال غاشم لفلسطين، نصبه لنا غزو أمريكي كاد يتسبب في إعادة العراق إلى القرون الوسطى، نصبته لنا ثورة الاتصالات والإنترنت، نصبته لنا قوى غير مرئية وغير معروفة ولم يصل علم السياسة والمجتمعات إلى اكتشافها. فالبحث في أسباب ما آلت إليه الأمور لم يعد مجدياً لأننا لن نتمكن من الوصول للحقيقة، بل سنبقى مختلفين عليها ونتقاتل لأجلها في ظل حالة من العماء تسيطر على العالم بمجمله.
 إن تفكيرنا اليوم يجب أن ينصب على وسائل الخروج من هذه الكمائن التاريخية الذي وقعنا فيها كسوريين وعراقيين ويمنيين وليبيين وعرب آخرين. إن تفكيرنا اليوم يجب أن يتجه إلى تعزيز الوسائل والأدوات القادرة على المساعدة في الخروج من هذا المطب وحيث إنه لكل دولة وزمان رجاله، فلكل مكمن وفخ رجاله القادرون على الخروج منه. ونحن كسوريين نرى بأن مؤسسات الدولة الوطنية السورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد تملك الكثير من الأوراق بل أكثرها والتي تؤهلها لدفع عملية الخروج من الكمين وإنقاذ سورية، لذلك على كل وطني سوري وكل عربي عروبي وبغض النظر عن موقعه أكان مؤيداً أو معارضاً أو معادياً للقيادة السورية أن يقف إلى جانب السيد الرئيس وإلى جانب القيادة السورية ويسهم في دفع عملية الخلاص والخروج من المطب الذي وقعت فيه سورية، كما أن على دول الإقليم بما في ذلك السعودية وتركيا ودول الخليج العربي أن تعيد حساباتها، وتشجع أتباعها على الانخراط في حكومة إنقاذ سورية موسعة بقيادة الرئيس بشار الأسد، وعلى حكومات هذه الدول أن تعي بأن صدى الأزمة السورية وارتداداتها وصل إليها وسيتسبب استمرارها في مطبات وكمائن وتسونامي لبلادها لا نتمنى أن تقع، لأننا لا نريد لشعب عربي أو غير عربي أن يقع في مصيدة التاريخ وزلزالها.