الأسد لسورية ونصرالله للبنان؛ كيف لا يُجَنّ آل سعود؟ .. بقلم: ناهض حتر

الأسد لسورية ونصرالله للبنان؛ كيف لا يُجَنّ آل سعود؟ .. بقلم: ناهض حتر

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ مارس ٢٠١٦

 ما يعجز آل سعود عن استيعابه، حدوث الوفاق الأميركي ـ الروسي حول سوريا. وهي التي تقود، في النهاية، إلى التجديد للرئيس بشار الأسد؛ لكن ما يدفع بهم إلى الجنون هو أن هذا الوفاق نفسه، همّش الحضور السعودي في لبنان،
 ووضع حزب الله، وأمينه العام السيد حسن نصرالله في موقع "الممثل الشرعي والوحيد" للبنان على طاولة التسويات الدولية ـ الإقليمية.
ما هي عناصر ذلك الوفاق؟
أولا، حدوث توافق أميركي روسي على خارطة الطريق الخاصة بحل الأزمة السورية. وهي تتكون مما يلي:
1 ـ أولوية القضاء على " داعش" و" النصرة" وتنظيمات " القاعدة" في سوريا؛
2 ـ تخويل " القوات التابعة للجمهورية العربية السورية" وروسيا، بهذه المهمة؛
3 ـ الحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها المدنية والعسكرية، ووحدة أراضيها واستقلالها؛
4 ـ الشروع في عملية سياسية تنتهي بانتخابات بإشراف دولي، بمشاركة الرئيس يشار الأسد وحزب البعث. ولا يعني ذلك، بالطبع، أن الأميركيين لن يعملوا على منعه من النجاح بكل السبل المتاحة، بما في ذلك المؤامرات الأمنية. كما أن ذلك لا يعني أن موسكو قد تتخلى عن حليفها الأسد الذي تريده أن يتولى فترة رئاسية جديدة، بما يتوافق تماما مع مصالحها الاستراتيجية.
5 ـ وأثناء المسار المتفق على خطوطه العريضة، سوف يكون لكل طرف حرية السباق في ثلاثة مجالات، أولها، دور الأكراد وحجم المكتسبات المسموح لهم بها؛ تريد واشنطن توسيعها، وتريد موسكو تقليصها؛ بينما يريد الفريقان كسب الولاء الكردي السوري، ثانيها، السباق على تحريرمناطق تحتلها " داعش"، ثالثها التفاوض الصعب بشأن حجم مكتسبات " المعارضة".
ثانيا، توافق الدولتين الأعظم على الاعتراف المتبادل بمصالحهما في المنطقة، والتوصل إلى إطار ثنائي لحل جميع الملفات، وخصوصا لجهة استثناء جميع الأدوار الإقليمية ( تركيا، السعودية، إسرائيل، إيران) والأدوار فوق الإقليمية ( فرنسا..) في حل الأزمة السورية.
ثالثا بالنسبة للبنان؛ فمن اللافت، هنا، أنه جرى التوافق، كما ينص اتفاق وقف النار المكرس بقرار دولي، على عدم التطرق لحزب الله في سوريا؛ بحيث أنه وقع ضمن إطار ما سمّاه الاتفاق ـ والقرار ـ " القوات التابعة للجمهورية العربية السورية."
وقد جاء هذا التطور، مبنيا على اعتراف واشنطن الضمني بالتحالف المباشر الذي توطد، مؤخرا، بين روسيا وحزب الله. وقد سمى الرئيس بوتين، الحزب، باسمه صراحة، بوصفه حليفا، لدى حديثه، في أكثر من تصريح، عن العملية العسكرية الروسية في سوريا.
يعني ذلك أن واشنطن سلمت للروس بموقع خاص من النفوذ في لبنان، يقوم على ما يلي:
1 ـ عدم امكانية إدارة الملف السوري من دون موقع مؤثر في الملف اللبناني،
2 ـ الاعتراف بعدم امكانية الحفاظ على الاستقرار في لبنان من دون حزب الله،
3 ـ انتقال حزب الله إلى موقع قوة إقليمية متحالفة مع روسيا، سوف يرتب عليه التزامات سياسية هي الشيء الواقعي الوحيد الذي يمكن أن يضبط حركة الحزب في سياق تفاهم دولي،
ووتوافق النظرة الروسية مع تلك الأميركية في النقطة الثالثة؛ ويزيد عليها الروس أن شرعية حزب الله كقوة إقليمية ومده بالسلاح النوعي سوف يضمن ميزان قوى ملائم لإجبار إسرائيل على التفاوض بشأن الجولان ومزارع شبعا وتنظيم استغلال الغاز في المتوسط.
تتبع السعوديين للتقييم الحقيقي لإدارة أوباما لحزب الله ودوره المستقبلي، هو الذي فجّر الجنون السعودي نحو لبنان. تريد الرياض إغراق حزب الله في حرب أهلية تمنعه من التحوّل إلى قوة إقليمية ذات حضور في توازنات المنطقة.
ميسلون