الراحلة بصمت الذهب.. بقلم: ميساء نعامة

الراحلة بصمت الذهب.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

الجمعة، ١٢ فبراير ٢٠١٦

 هي الرحلة الطويلة التي انتهت عند مفترق الطريق باتجاه الانتصار، تغلق صفحة لتفتح في كتاب التاريخ آلاف الصفحات.
لا يمكن لسنوات العمر أن تنتهي على ورقة شهادة وفاة، فالجسد فان، لكن الروح باقية تسكن جميع تفاصيل الحياة البشرية، تجعلنا نستشعر أعمال من سبقونا الى دنيا الخلود السرمدي.
بصمت الذهب الأصيل عاشت، وأثّرت وأضافت الى الحياة السورية الكثير من الأعمال الخيرة التي ستبقى عنواناً يليق بحجم الإنسانية التي عاشت زمناً بيننا وغادرتنا طيفاً بهيبة الرقي الدافىء.
 هي الشاهد الأكثر التصاقاً بزمن التقلبات السياسية التي مرت على سورية، والشاهد المسكون بهم الوطن الذي تجسد بقائد استطاع أن يدير دفة السفينة باتجاه شواطئ النجاة ونجح في التغلب على عاتيات الرياح وعاليات الأمواج.
 سليلة عائلة متأصلة بالنسب العربي الأصيل، عُرف عنها الكرم والجود وإغاثة الملهوف ومقارعة الفرنسيين، ورثت المجد وأورثته لأبنائها قيماً وأخلاقاً وحباً وانتماء للوطن، فكانت رفيقة النضال الطويل، والأم النموذج التي حرصت على جميع أبناء الوطن، فلم تحتكر حبها لأولادها فقط. صمت الغياب المهيب، يفتح صفحات الذاكرة على أحداث كبيرة عصفت بسورية على مدى سنوات طويلة، واجهت خلالها أخطر المنعطفات التاريخية في سجل الدول.
من رحم الأزمات يولد الرجال الأقوياء والحكّام الحكماء، من رحم الأمهات المناضلات يولد القادة الأبطال.
هو صمت الذهب الأصيل حكم مشوار حياتها الحافل بالعطاء، وهو صمت الذهب الأصيل على الغياب الجسدي....
فطوبى لمن رحلوا بأجسادهم تاركين طيف روحهم تسكن وجدان الأوفياء للسيدة العظيمة التي قدمت الكثير وضحت بالغالي لتبقى سورية الأمانة المؤتمنة بيد القائد الذي أعجز العالم وما انحنى.... الرحمة والرضوان لروح سيدة سورية الأولى أنيسة مخلوف.