حكاية لسان.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

حكاية لسان.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٢٤ يناير ٢٠١٦

من الحكايات القديمة، القديم جداً نوعاً ما، أنَّ حاكماً طلب من مستشاره أن يحضر له طبقاً من أطيب الأطعمة على الإطلاق، فأتاه بطبق من الألسن المشويّة. فأثنى الحاكم على مستشاره إبان تذوق طعامه. وفي اليوم التالي طلب الحاكم من مستشاره أن يأتيه بأسوأ أنواع الأطعمة ليقارن بين طعام اليوم والأمس، فأتاه مستشاره بطبق فيه أيضاً عدد من الألسن المشوية.
وفهم الحاكم من مستشاره أن اللسان هو سلاح ذو حدين يجرح ويداوي، يؤذي وينفع وذلك طبقاً لطريقة ومناسبة استخدامه. فحين يستفحل شره يغدو سلاحاً من النوع الجارح والعكس صحيح. ومن هنا، كما نقدّر، ربما جاء القول: لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك.
بيد أن هذه المعادلة في الحياة قلما نجد من يحترمها أو يأخذها على محمل الجدّ، فيغالي في ادعاء معرفة كل شيء عن أي شيء. وإذا هو أخطأ في قول ما عن غير قصد برر بذلك بقوله إنها زلة لسان. وفي حال عاد أحدنا إلى تتبع آثار اللسان، سيجد كم من الناس كانوا ضحايا هذه الزلات ما كان منها زلات مقصودة أو غير مقصودة. وكما هو معروف فقلما نجا إنسان من تبعات الزلات التي كان الهدف منها إيذاءه، وخصوصاً بإشاعة ما ليس فيه، وذلك بغية جعله موضع سخرية أو للنيل من سمعته وما شابه ذلك إرضاء لنزعة الشر الكامنة في داخل المصمم على إيذاء الآخر.
وفي علم النفس يرد ما نقرأ عن دور الشائعة في الحياة، والتي هي من نتاج زلات اللسان المقصودة، وعن دورها المخرب. وهذه الظاهرة غالباً ما تظهر في زمن الحرب أو في زمن الضائقات التي يعاني منها بلد من البلدان، وذلك بغية النيل من هذا الشخص أو ذاك، من هذه الجهة أو تلك. ومن هنا التحذير من الوقوع في فخ تصديق كل ما يقال من دون تدقيق في صحته، لأن للسان كما فهم الحاكم وفهمنا وظيفتين؛ الأولى غير الثانية. الأولى: قد تسبب كارثة في حياة الشخص أو المجتمع، والثانية: قد تنجيهما من تداعيات كارثة مخطط لها.
iskandarlouka@yahoo.com