دمشق في نيويورك.. هل سيتمخض الحل؟!.. بقلم: علي مخلوف

دمشق في نيويورك.. هل سيتمخض الحل؟!.. بقلم: علي مخلوف

تحليل وآراء

الجمعة، ١٨ ديسمبر ٢٠١٥

التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برأس الدبلوماسية الأمريكية الوزير جون كيري في الكرملين بموسكو، امتد اللقاء لثلاث ساعات بعكس ما هو مقرر، ما يعني بأن اللقاء قد تشعب وتطور وتم بحث الكثير من الأشياء المهمة المتعلقة بالشأن السوري، ما يجعل اللقاء غير اعتيادي وهو بطبيعة الحال ليس بروتوكولياً فقط.
ما قاله جون كيري بعد اللقاء يشير إلى وجود تغيرات ملموسة، حيث أكد أن بلاده لا تريد تغيير ما يُسمى النظام السوري الآن، وأنه لم يتم التطرق لمسألة الرئيس، بل كان كل الكلام حول الاتفاق على ضرب الإرهاب، والخروج بتسوية سياسية لسورية, كما تم الاتفاق بين الجانبين على تحديد القامة "المعتدلة" من المعارضة، وهنا يجب التوقف، حيث ترى موسكو بأن كل ميليشيا مسلحة تقاتل الجيش السوري مجرد حركة إرهابية، ومن ضمنها ميليشيا الحر بدايةً، قد يكون هناك بعض المرونة الروسية تجاه تلك الميليشيات، بحيث رأت أن تتعاون مع الأمريكيين في اختيار ما يمكن اختياره من الميليشيات لتصنيفها على أنها معتدلة، رغم عدم إيمان الروس بهذه الحقيقة، ولوقت قريب كان الروس غير مؤمنين بوجود شيء اسمه "جيش حر" في ظل هذا التفريخ والانتشار الواسع للحركات المتشددة على الأرض السورية، حادثة السوخوي ومقتل الطيار الروسي من قبل مسلحين مدعومين من تركيا، عزز القناعة الروسية بعدم وجود اعتدال بين تلك العصابات لأنها ذات خلفية دينية مذهبية وهو ما تلجأ إليه كل من أنقرة وأنظمة الخليج بهدف خلق ميليشيات تقاتل على أساس مذهبي ديني بالدرجة الأولى ضد الحكومة السورية، فما الميليشيات التي يمكن أن تقبل بها موسكو كمعتدلة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الروس أعلنوا بأن كل الجماعات المسلحة التي تقاتل داعش تقوم بالتعاون مع روسيا في سورية، وتزودها بمعلومات عن الأهداف المراد تدميرها، ما يوحي بأن هناك جماعات ستقتنع موسكو بأنها معتدلة.
أما فيما يتعلق بميليشيا جيش الإسلام فهو ما زال إرهابياً من وجهة النظر الروسية، ولاسيما أنه يستهدف العاصمة دمشق والسفارة الروسية على وجه الخصوص، كما أن ليسوا بغرباء عما يحدث في الديمغرافية الشرق أوسطية، لاسيما تلك الدعوات الدينية التي تصنف روسيا كدولة معادية توسعية ومحتلة " بحسب وجهة نظر الجماعات المسلحة" ما يجعل كل ميليشيا إسلاموية مشروع جماعة متطرفة على اللائحة الروسية، وهو ما ينطبق أيضاً على ميليشيا حركة أحرار الشام، والتي تم مؤخراً تسريب معلومات حول تصنيفها كحركة إرهابية، ما يثير تساؤلاً يتمثل في نية أنقرة الداعمة لتلك الحركة بحلها وتشكيل ميليشيا جديدة باسم جديد يتم ضم أغلبية مقاتلي أحرار الشام لها وإعادة إنتاجها وترويجها من جديد.
بالعودة إلى لقاء بوتين ـ كيري، فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه تم الاتفاق على عقد لقاء جديد لمجموعة دعم سورية على مستوى وزراء الخارجية بنيويورك في 18 كانون الأول، وأنه يتم الاتفاق على مواصلة العمل مع واشنطن لتحديد قائمة المعارضة المعتدلة وقائمة الإرهابيين، مؤكداً أن موسكو اتفقت مع واشنطن على تقديم مشروع قرار بشأن سورية إلى مجلس الأمن بناء على بنود اتفاق فيينا"، فيما كان لافتاً تصريح الوزير كيري عندما قال إن بلاده لا تسعى لتغيير ما يُسمى النظام في سورية! وإنما يتم التركيز حالياً على الخروج بحل سياسي، فهل يتم الاتفاق بدايةً على تحديد تلك المعارضة الـ "المعتدلة"؟ ومن ستضم يا ترى؟ الهدف الحالي هو جمع وفد معارض مع وفد حكومي سوري في المرحلة الأولى، وهذا وحده سيأخذ وقته، ثم سيتم الحديث لاحقاً عن المرحلة الانتقالية والسلطات وشكلها وهنا ستكون المرحلة الأصعب، وحتى ذلك الحين سيبقى الميدان وصوت النار هو سيد الموقف.