"قهوجيات" حلم لا يموت..!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

"قهوجيات" حلم لا يموت..!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الاثنين، ٩ نوفمبر ٢٠١٥

الموت حق.. مسألة بدهية وإن اختلف التفسير، ولكن، من قال إن المسافة بين الحياة والموت، انتظار لا مجدٍ، وأراد تضليلنا..!؟
أليست الولادة حقيقة، والحياة حقيقة، والكدح البشري لبناء مستقبل أفضل حقيقة، والموت أيضاً حقيقة، وأن الفعل الإنساني يتم عبر هذه المسافة!؟ ليصير السؤال كيف نحول هذا الفعل بالوعي والإرادة إلى قيمة مجتمعية تثري الحياة وتسدد الخطا نحو المستقبل.
إن الاستشهاد دفاعاً عن الوطن وما يعنيه في الوجدان، قيمة عليا في الدنيا، وتكريم إلهي في السماء، فهل يمكن لجبان أن يعرف الحب؟
أو نعرف فارساً شجاعاً من دون حب يسكن قلبه..؟
تذكرت إهداء كتبه لي في صوفيا الصديق غازي قهوجي للجزء الثاني من "قهوجيات" بعنوان "ما هب ودبْ" حين التقينا مساء 3/4/2006 في مقهى، وثالثنا صديق لبنان مشترك، قال فيه "نحلم دائماً بالحب ونحب لكي نحلم وكنا ندرك معاً خطورة ما يحاك لبلدينا الشقيقين، بعد أن أصبحت مقولة "سوا ربينا" واقعاً في ميادين مواجهة العدو الإسرائيلي وملحقاته التي تتناسل هذه الأيام كالفطر السام. وفي تلك اللحظة المنفلتة بين الحزن والتذكر.
استحضرت من مكتبتي "قهوجيات" الجزء الأول بعنوان "أركيلة الحلم العربي" وكان صديقنا المشترك قد حمله لي من لبنان بعد زيارة صيفية ممهوراً بتوقيع الكاتب بتاريخ 3/7/2005 مع إهداء قال فيه وكأنه يعلم.. مع كامل مودتي على أمل اللقاء.
فاستيقظت ذكرى اللقاء الأول الذي جمعنا في دمشق يوم زار أصدقاء له من مهندسي الديكور والفن التشكيلي في التلفزيون العربي السوري.
ومنذ أيام معدودة مضت.. قرأت في جريدة البناء اللبنانية نبأ تشييع الصديق الدكتور غازي قهوجي في مدينة صور عاصمة الجنوب اللبناني يوم 4 تشرين الأول 2015 بعد صراع مع المرض، وقالت إنه كان أحد أبرز أعمدة الثقافة والفن والأدب وقد عُرف بكتاباته الساخرة وبأسلوبه الذي جمع بين البسمة الرحبة والسخرية المبطنة، فأدركت سبب اختيار هيئة الثقافة البلغارية له عام 2012 كأحد أهم الكتاب العرب الساخرين.
ليس ضعفاً أن نحزن في لحظات الفقد لوطني مقدام ومقاوم، فالحزن يصبح قوة في دواخلنا كل من موقعه في ميادين المعركة، جندياً أو كاتباً أو صحفياً أو عاملاً. رجلاً أو امرأة، لتدفع بنا إلى الاقتحام في مواجهة الغزاة والإرهابيين والمرتزقة الطامعين، مؤكداً اليقين الذي يتعاظم في وجدان أي مواطن يحب وطنه ويقدم من أجل انتصاره الدم والجهد والعرق.
وليطمئن الصديق الراحل في ذكرى أربعين يوماً لغيابه أن الأمل بات يورق في مستقبل السوريين القريب، وأن دماء الشهداء الأبطال من رجال الجيش العربي السوري فتحت باب الانتصار الكبير على مصراعيه، حيث يتجسد حب الوطن والتضحية في سبيله إلى وقائع فوق أرضنا الطاهرة، وليس أمام رجال الحق في الميدان الذين عرفوا الحب وسكن قلوبهم وصدقوا ما عاهدوا عليه إلا تحقيق إرادة السوريين الوطنية بالقضاء على الإرهاب وبناء المستقبل، وإن الحلم العربي لن يكون "أركيلة" وإن كره الكارهون.