أمريكا والغرب.. سقوط القيم!!.. بقلم: د.بسام الخالد

أمريكا والغرب.. سقوط القيم!!.. بقلم: د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com
في بداية عصر النهضة، ظل الغرب الوجهة المفضلة لرموز التنوير العربي، من رفاعة الطهطاوي إلى محمد عبدو إلى الأفغاني، وليس انتهاء بطه حسين.. وعلى المسار نفسه نشأت أجيال كثيرة في فترات التحرر وما بعد الاستقلال، نظرت بعين الأمل إلى الغرب باعتباره منبع الحرية والإنسانية وملجأ للديمقراطية، وفي فترات الصراع بين كابوس الاستبداد وقيم الحرية احتضنت العواصم الغربية رموز المعارضة في العالم العربي، وشكلت واحات وارفة الظلال لحرية التعبير واحتضان المطالبين بالديمقراطية والمناوئين للاستبداد.
هكذا ترسخت صورة الغرب الإيجابية في مخيلات أجيال كثيرة في العالم العربي، لكن يبدو أن هذه الصورة الوردية التي غزت الخيال الاجتماعي للإنسان العربي اختلفت، في ظروفنا الحالية بشكل كبير، وسينشأ جيل جديد لا يثق كثيراً في الغرب وخاصة حكوماته، هذه الحكومات التي تبرهن يوماً بعد يوم أنها تغض الطرف عن ثوابتها الديمقراطية!
فهل مازال الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، يساندون التحول الديمقراطي في البلدان العربية لمجرد الحفاظ على (قيمهم) المعلنة، أم إنهم يكيلون بعشرات المكاييل في هذا التعاطي؟!
هل ثمة ضرورة للتمحيص والتدقيق لكي نصل إلى حقيقة السياسة الأمريكية تجاه شعبنا العربي وشعوب العالم أجمع.
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق كُشفت الخدعة الأمريكية للعالم، وسقطت مقولة أسلحة التدمير الشامل التي كانت كذبة وضيعة وذريعة رخيصة لتدمير العراق، فماذا حصل بعد إسقاط صدام حسين, هل تحققت الديمقراطية التي أعلنت أمريكا أنها قادمة لتحقيقها في العراق؟ أم قامت بتمزيق المجتمع العراقي وبث بذور الفتنة الطائفية بين أبنائه ليقتل الشقيق شقيقه؟!
الأمر نفسه حدث في ليبيا عندما تداعت جيوش أوروبا إلى هذا البلد بحجة تخليص الليبيين من "الديكتاتور" وغرس القيم الديمقراطية فيه، فماذا حصل بعد إسقاط القذافي أيضاً؟!
أما في سورية فإن أمريكا وأصدقاءها سهلوا دخول آلاف التكفيريين المدجّجين بكل أنواع الأسلحة, بحجة دعم الشعب السوري، مستخدمين لتنفيذ ذلك الفتاوى الدينية التكفيرية والفتن الطائفية والمذهبية بين أبناء الدين الواحد ليكفّر كل منهم الآخر وتُرتكب المجازر وفق هذه الفتاوى, ولا يهم كم سُفك من الدماء أو كم قُتل من الأبرياء, المهم أن تستمر معامل الأسلحة الأمريكية بالإنتاج وإضعاف وتدمير كل ما يحيط بإسرائيل من قوى يمكن أن تشكّل عليها خطراً، في الوقت الحاضر أو في المستقبل.
 لقد اشتغلت السياسة الأمريكية والغربية على تحطيم بنية المجتمعات وتفكيكها، باسم الديمقراطية والحرية، أليس هذا ما فعلته أمريكا في العراق والأوربيون في ليبيا؟!
أما في سورية، وحتى هذه اللحظة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على ذلك وتتلذذ بلعبتها "الديمقراطية" على حساب الدم السوري، والغرب يمارس "إنسانيته" عبر المحطات الفضائية متباكياً على السوريين الذين يواجهون أقذر حرب عرفها التاريخ، طالت البشر والحجر وأفق المستقبل!!