ملاحظات.. بطعم الديمقراطية؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

ملاحظات.. بطعم الديمقراطية؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ سبتمبر ٢٠١٥

أمر طبيعي، وحالة صحية، أن تزداد في سنوات الأزمة، وتطوراتها السياسية والميدانية، رغبة المواطن السوري بقراءة الخبر والتحليل، لتثمير معرفته في تعزيز بوصلته الوطنية، مع تعدد المصادر المطبوعة والإلكترونية وما يعرف "بوسائل التواصل الاجتماعي" فصار يقرأ بين ما تنشره، ديمقراطياً، مواقف واجتهادات ظاهرها ديمقراطي مشبوه وباطنها نار سياسية على أمنه وحقوقه السيادية والديمقراطية، لبعض جهابذة من يطلقون على أنفسهم لقب "معارضين".
فلم تفاجئ أحداً، كونها صدرت إما عن جهبذ "معارض" سفيه، منفصل عن الواقع، ويحمله الزمن فوق ظهره على خجل. وإما عن آخر أحمق خارج الوطن اجتزأ من الديمقراطية ما يتناسب مع حجمه الضئيل في فنادق النجوم الخمسة. وتقول حكمة شعبية متداولة "احذروا الأحمق فإنه لا يعرف قيمة ما أسديت إليه" ويمكن القول كملاحظة ديمقراطية "لا تصغوا إلى من يهرف بما لا يعرف" لأن الفضائل تنشأ عن العلم والرذائل من الجهل.
لقد علمتنا التجربة، ووقائع التاريخ، وحقائق الحروب والمقاومة، أن الديمقراطية تعبير سياسي عن إرادة شعب، وليست نزهة لمشتاق على دروب العشاق. والسوريون عبروا عن خياراتهم خلال الأزمة، وعبقريتهم في سبل التصدي لتداعياتها.
فأكدوا أنه لولا بيان الحق والدفاع عنه وبذل الدم دونه، لانتشى الظالم بطغيانه، ولعلها ملاحظة ديمقراطية أخرى قد تزيل الغشاوة عن بصير وبصيرة من ركب رأسه وضل السبيل الديمقراطي، فغرق في مستنقع الحقد والكراهية، مراهناً على الطامعين والمارقين، مقامراً على حقيقة ما يتطلع إليه السوريون الذين سيجوا وطنهم بالمحبة والفداء والتضحية، في حين قبل البعض بكون الأرض فندقاً أو جواز سفر، متجاهلين عن قصد أو سوء نية، أو تقدير مشبوه أن إستراتيجية المصالح الأميركية قد تعطي ذاك الآخر الذي معها، بعض الفتات عندما تربح، وحين تخسر فإنها تجعل الخسارة من نصيبه وحده، والشواهد كثيرة ولا تحتاج إلا لمن يقرأ، والجاهل الحقيقي من لا يعرف نعمة القراءة وفضيلة الاستماع، وهذه ملاحظة ديمقراطية أخرى.
إنه ما من شك بأن عصا الأعمى خير من عقل جاهل. فالأعمى لا يضع قدمه إلا بعد أن يميز الطريق بعصاه، فابتكر العلم مساعدات بعضها إلكتروني تعين الأعمى على حفظ سلامته وتعزيز مقدرته، فزينوا العلم بأنفسكم ولا تتزينوا بالعلم، ولأن العقل نعمة إلهية تميز الإنسان بها عما سواه، وهو تميز يدعو للتفكير والتدبير والابتعاد ما أمكن عن الغرائزية، فالندم قاتل وانتظار الغفران عبثية، لتصنيع الموت بصيغ وطرق مختلفة.
وعليه فإن الاختباء خلف إصبع يدك لا يفيد، فهو أعجز من أن يخفي حقيقة أمر وواقع مثل أولئك الجهابذة. فاعقل وتوكل "حيث لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهير كالمشاورة"، وسوى ذلك حراثة في البحر وهذه ملاحظة، ليست الأخيرة بطعم الديمقراطية.