بين " أحمد سعيد" و"الصحّاف" ماذا تغيّر في الإعلام العربي؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

بين " أحمد سعيد" و"الصحّاف" ماذا تغيّر في الإعلام العربي؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ سبتمبر ٢٠١٥

Bassamk3@gmail.com
ماذا تغير في الإعلام العربي بين عامي 1967 و2003؟!
في حزيران عام 1967 لم يتم اكتشاف الهزيمة، إلا بعد مرور خمسة أيام على وقوع الحرب، فقد كان الإعلام العربي يروج أن الجيوش العربية هي أقوى قوة ضاربة في الشرق الأوسط وأن العدو الصهيوني ضعيف وواهن، وأن الجيوش العربية سوف تصل إلى تل أبيب خلال ساعات، وكان أحد أبرز نجوم هذه الفترة الإعلامي الشهير "أحمد سعيد" المذيع في إذاعة صوت العرب والذي كان يزف انتصارات وهمية، وفي نهاية الحرب، اكتشف الرأي العام العربي أنه لم يكن يعرف شيئاً، عن حقيقة الجيوش العربية، ولا عن حقيقة قوة " إسرائيل".
في نيسان 2003 لم يكن الشعب العربي يعد نفسه لانتصار عراقي على القوات الأمريكية، لكن كانت قد تمت تهيئته، من قبل القيادة والإعلام العراقيين، لما سمى بمعركة بغداد، حيث كان الخطاب العراقي يروج للقول بأنه سيتم سحق القوات الأمريكية على أسوار بغداد، وكان نجم هذه الفترة هو وزير الإعلام العراقي "محمد سعيد الصحاف" الذي اتبع نفس أسلوب أحمد سعيد وإن كان قد فعل ذلك بشكل فكاهي!
في عام 1967 كان أحمد سعيد مجبراً على إذاعة تلك البيانات، وقد وجدت قبولاً لدى الجماهير العربية التي كانت مهيأة لها، أما في الحرب على العراق، ورغم الزيادة الكبيرة في الصحف والصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة والفضائيات، فقد كان قطاعاً كبيراً من الصحفيين راغباً في أن يتعاطى التضليل الإعلامي، وعندما كانوا يواجهون بمعلومات تفيد أن العراق لن يصمد أمام القوات الأمريكية، كانوا لا يصدقون، وعندما كان يُطلب منهم تخفيف لهجتهم حتى لا يُصدم الجمهور، كانوا يصرون على ممارسة هذا الدور ويمعنون في حشو عقول الناس بأخبارهم الاستعراضية، الأمر الذي أصاب المتلقي بإحباط كبير.
 قد تكون نكسة 1967 أعمق كما يراها بعض المحللين، لكون الإعلام تحدث ملياً عن اجتياح تل أبيب، وهي أمنية غالية للجماهير العربية، أما في الحالة العراقية، فإنه لم يتخيل أحد قدرة العراق على هزيمة الأمريكيين، وهذا يدل على أن تضليلاً إعلامياً ذكياً ومتعمداً قد حدث من الإعلام الأمريكي، وتعتيماً ببغاوياً من الإعلام العربي، على الأهداف الأساسية لهذه الحرب.
إن ما حدث في 1967 من نشر بيانات مضللة لم يكن سوى انصياع لأوامر الدولة وسيطرتها الكاملة على وسائل الإعلام، التي لم يكن أمامها أدنى فرصة لتفعل غير ما فعلت، أما ما حدث في نيسان عام 2003 (عبر الصحاف) لم يكن سوى شكل فاضح ينافي ما نعرفه عن نتيجة الحرب.
في حرب حزيران 1967 كان العرب لا يسمعون سوى إذاعة صوت العرب، ولم يقبلوا أن يسمعوا إذاعات أخرى، وإن أول رد فعل حين اكتشاف الهزيمة كان هو الحديث عن الخيانة!
وهذا ما حدث في الحرب على العراق، فقبل عام 2003 كان صدام أمل الأمة العربية ويوم سقطت بغداد قيل إنه خان!
المفارقة بين عامي 1967 و2003، أنه كان في عام 1967 إعلام الصوت الواحد هو السائد تقريباً في كل دول العالم العربي، ولم يكن هناك إعلام تعددي، وكان الإعلام متخلفاً للغاية، أما في عام 2003، وعلى الرغم من وجود تكنولوجيا متقدمة وإعلام تعددي وفضائيات استطاعت القيام بدور منافس للفضائيات الغربية، إلا أن الخديعة استمرت ولم يتغير الخطاب الإعلامي العربي على مدار 40 سنة واستمر بخداع الرأي العام، سواء في 1967 أو في 2003، ومازال الخداع والتضليل مستمرين إلى يومنا هذا!!