كيف ستكون سورية... ؟؟.. بقلم: سامر يحيى

كيف ستكون سورية... ؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٣٠ أغسطس ٢٠١٥

لم تكن مواقف القيادة السورية وليدة اليوم أو البارحة، إنّما تاريخ قديم متجدّد، يحمل في طيّاته الحفاظ على كرامة المواطن السوري والمنطقة العربية كلها، وصون الحدود وقدسية التراب، من منطق الند للآخر لا التابع له، يعمل أبناؤها على النهوض بها لكي يبقوا كما هم سادة العلم والإبداع..
نعم إنها الجمهورية العربية السورية وريثة تاريخ طويل من النضال والإرث الحضاري المتجدد، الحامل لهمّ المنطقة العربية كلها، المبني على الثوابت والمبادئ والتعامل بمنطقية وواقعية ضمن الواقع والإمكانات المتاحة، للوصول للمستقبل الذي تطمح إليه، بعيداً عن العنجهية والعناد اللامنطقي، الذي يؤدي لأضرار تفوق الفائدة التي يحققها بلحظتها عدة أضعاف، وهي أحد الأسس التي حقّقت الأهداف الأساسية، عبر تحمّل المسؤولية والتعامل بحنكة القائد الفذ، الذي جمع بين عنفوان الشباب وحكمة الشيوخ في خضمّ بحرٍ متلاطم الأمواج، لاتخاذ القرار الصائب المستديم في نتائجه الإيجابية البناءة لإيصال السفينة إلى شط الاستقرار والأمان وتحقيق الكرامة والنهوض الحقيقي والجدي... ما يساهم بالحيلولة دون الاستنزاف الذي يرغبه العدو، الذي تجرأ بالاعتداء على أراضينا عبر زبانيته وعملائه، وإن كان القليل منهم ما زال مغفّلاً ويسانده من دون قصدٍ، وإن قام بين الفينة والأخرى بالتدخّل مباشرة لجس النبض محاولاً الاستفزاز ليخلط الأوراق، ولاسيما عندما يرى نصر سورية قد اقترب، ووقوع زبانيته في ضيقٍ وعجز..،...نعم إنها عبقرية القيادة التي تفكّر بمنطق العقل والحكمة والوطنية السورية، محافظةً على نبض قلب العروبة، من محاولات غرز السهام به، مدركة أن تداعيات ما يحصل في سورية هدفه تفتيت المنطقة العربية كلها، فتحمّلت المسؤولية وتصدّت للمهمة، ونفذتها باقتدار فهي لم ولن تتخلى عن واجبها العروبي المقدّس وإن خانها بعض من ينتمون للعروبة لفظاً، أما نحن المنظّرين ومدعي الثقافة فماذا فعلنا لبناء سوريتنا؟!،
بالتأكيد لا أحد يستطيع أن يشك أو ينكر أنه لولا العمل المتواصل يداً بيد بين الشعب والجيش والقيادة، لما تمكّنت سورية من الصمود طوال هذه الفترة، ولما استطاعت الوقوف دون الحيلولة بالاستنزاف الكامل لخيرات الوطن وموارده وتحقيق مآرب أعدائه، رغم حجم الدعم لتدميره مادياً وعسكرياً وسياسياً وإعلامياً، لكنّها صمّدت وإن كانت تعاني، لكنّها لن تنهار، وستنهض مجدداً أقوى، لأنّ معها قوّتين لا تقهران، قوة الله، وقوة الشعب بثالوثه المقدّس الشعب والجيش والقيادة، رغم كل محاولات تفتيت المنطقة لبناء الشرق الأوسط الجديد المفتت الذي يمكّن قيام الكيان الصهيوني من تحقيق حلمه "من الفرات إلى النيل"، انطلاقاً من تفتيت قلب العروبة النابض.
وهنا لا بد من التساؤل، عن سر صمود سورية رغم وجود بعض الشخصيات الانتهازية والفاسدة الموجودة في كل مكان، والتي لا يجب التمييز بينها وبين الإرهابي، الذي يهدف لاستنزاف ثروات البلد، وتسهيل أهداف العدو، التي لم يتمكّن من تحقيقها طوال خمس سنوات مضت، بسبب الصمود أمام هذه الهجمة الشرسة من إرهابيي العالم بكافة انتماءاتهم وصفاتهم، ما يتطلّب منا الانتباه إلى تعزيز ذلك عبر منع الاستنزاف، والهدف الأسمى والأساس هو:
انتباه كلّ منا لتطوير ذاته ومضاعفة الجهود وإتقان عمله، والاطلاع والقراءة والإبداع للوصول لتحقيق الحلم المنشود منا جميعاً، وعدم تحميل المسؤولية للآخر بما يساهم من دون شكٍ في تطوير الأفكار القابلة للتطبيق على أرض الواقع..
تنبيه أولادنا وتنشئتهم على حب العلم وتحمّل المسؤولية وعدم الابتعاد عن التطوير الذاتي وتحدّي كل المعوقات لرفع مستوى الوعي لدى أبنائنا بزيادة ثقافتهم ومعارفهم وعلومهم.. وعدم اللهاث وراء قنوات فتنوية تبث أخباراً هدفها إبعاد الجيل عن تطوير نفسه وتثقيف ذاته وبناء قدراته، بجعل خلافاته بينية لا سببها الرئيس الكيان الصهيوني الغاشم وأعداء الحياة.....
قيام الطالب بكافة مراحله الدراسية، بالاهتمام بتثقيف ذاته أكاديمياً وخبرةً عملية، بالجمع بين خبرة المدرّس وتفكير الطالب للوصول لنتائج بناءة، وحلول لكافة المشاكل والتخوّفات المستقبلية الموجودة لديه.. لا افتراض عقبات دون التفكير بحلّها والاستسلام لحلول وضعها آخرون.. والاستكانة للأمر الواقع بانتظار قرار ترفيع استثنائي أو إداري أو روتيني من سنة لأخرى..
ابتعاد كل منا عن التنظير، والقيام بالعمل الجدي المنطلق من الواقع ضمن الإمكانيات المتاحة والمكان الموجود به بدءاً من الأسرة بهدف استثمار كافة الجهود لاستمرار مسيرة التطوير والتحديث ضمن عملية إعادة الإعمار لتسريع الوصول لمرحلة إعادة الأمن والاستقرار التي نحلم بها جميعاً..
تنبّه العاملون في السلك الحكومي لأهمية دورهم، وأنّه ليس مجرّد نشر الأخبار والتقاط الصور بجولات علنية، وإصدار قرارات وتعاميم وتصريحات إيجابية، إنّما بإحداث حراك إيجابي ملموس على الأرض، فمهما كان العمل بعيد المدى فلابد من لمس ثماره على أرض الواقع...
أن يدرك كل موظّف حكومي بأنّه عنصر "علاقات عامة"، واجبه نقل ما تقوم به مؤسسته إلى المواطن، ونقل رغبات ومتطلّبات واقتراحات هذا المواطن لمؤسسته بهدف تطوير الأداء ليتمكن المواطن من لمس النتائج..
المدير في أي مؤسسة ليس سوى موظف يقود هذه المؤسسة، لا يحكمها، فهو ليس مجرّد ناصح وأكاديمي ومحاضر، إنّما الجامع والمستمع لأفكار وآراء جميع العاملين في المؤسسة لاقتراح الأسس القابلة للتطبيق للنهوض بالمؤسسة، انطلاقاً من معلوماته وخبراته ودراساته، بعيداً عن حاشية ضيقة تعتمد الولاء الشخصاني والمصالح الضيقة، وإن ألبست رداء الوطنية.
سورية تحتاج استنهاض الحكمة والوعي لدى كل منا لتفعيل هذا الدور الوطني البناء في عدم السماح لهذا العدو باستنزاف قدراتنا، وعدم السماح له التجرؤ ثانية بالاعتداء على أراضينا عبر تقوية أنفسنا وبناء ذاتنا، لبناء وطننا، فكلّما كنا أقوى صار يخشى مجرّد التفكير بالاعتداء على بلدنا.
نعم هذه سورية فلولا أغلبية أبنائها من الشرفاء والوطنيين لما صمدت، ولما استطاعت أن تفرض ما تريد على العالم، كيف عندما نستنهض همم كافّة أبنائها فلنتخيّل كيف ستكون سورية؟ عندما يقوم كل منا بدوره، سواء كان في العمل الحكومي أو الخاص أو المشترك أو المجتمع المدني، فأبناء الوطن أثبتوا وطنيتهم بتحديهم الإرهاب والظروف الطبيعية القاسية وما زالوا يقومون بدورهم الوطني الحي.. أما المغتربون الموزّعون في كل مكان من أصقاع العالم ويشهد بذكائهم ونشاطهم ودقة أعمالهم، تحدّى الكثير منهم الضغوطات والمعوقات والتحريض الإعلامي لثنيهم عن تقديم العون والسند لوطنهم وأبناء وطنهم......
كلنا سورية فلنعمل لأجلها.. سورية التاريخ والحضارة، سورية الحاضر المستند إلى الماضي للانطلاق للمستقبل بعزيمة أقوى وتفاؤل بالنصر القريب.